المساء بين التفاؤل و التشاؤم

من طرف vaizamariem الإثنين أغسطس 24, 2009 10:31 pm

_{إذا كان المساء يعني الرحيل, ونهاية كل شيء جميل..ذلك السكون وذلك الظلام الموحش تلك الأشباح وتلك الخفافيش..كلها مصادر للحزن والكآبة...لقد رحل النهار .. رحل النهار ولن يعود هيهات أن يعود...
ولما كان كل يوم في دورة الحياة هذه هو ميلاد للنهار ولكن في حلة جديدة تكسوها مشاريع وأحلام وردية ألا يفجر فينا ذلك صرخة للتأمل في الحياة والانتقال إلى عالم أكثر تفاؤلا؟
ومادامت حياة الإنسان مليئة بالمتاعب و الآلام و فهي لن تخلو إذا من المحن و الأزمات..إن الفرح و الحزن, الموت والحياة, النور والظلمة, الخير والشر, النجاح والفشل …كلها ثنائيات متناقضة تربك الإنسان وتصيبه بالغثيان..
وفي رحلة صراعه مع تلك الثنائيات يتعرض الإنسان لخيبات أمل كثيرة بسبب فشله في معركة ما..فتغشيت حياته الظلمة..واستسلم للفشل ..وادخل كل مشاريعه في سبات عميق..فذاك هو التشاؤم.. ونسميه حينها إنسان متشائم..أما إذا تجاوز تلك المحنة و ذاك الفشل واعتبرها مرحلة متجاوز من حياته, فاغتنم الفرصة ليستفيد من أخطائه و اكتسب التجربة اللازمة منها و اتعظ فيمكننا إذا أن نقول انه إنسان متفاءل.
وهذا فعلا ما يجسده مساء مطران خليل مطران..و مساء اليا ابي ماضي..فالأولى غاية في التشاؤم و الثاني قمة التفاؤل.. انظروا معي هاتين القصيدتين:

قصيدة المساء ,, لخليل مطران
المقطع الأول :
داء ألـــــــــم فيـــــــــــه شفــــائي من صـــــــــبوتي فتضاعفت برحــــــــــائي
يا للضـــــــــعيفين استبدا بي وما في الـــــظلم مثل تحــــــــــــكم الضعــــــفاء
قلب أذابـــــته الصبـــابة والجوى وغلالــــــــــــــــــة رثــــــــــــــة من الأدواء
والروح بيــــــنهما نســـــــيم تنهد في حالي التصــــــويب و الصعــــــــــــــداء
والعقــــل كالمصباح يغشى نوره كــــــــــــــدري ويضعفه نضوب دمائـــــــي
المقطع الثاني :
إني أقـــــمت على التعلة بالمنى في غربة قـــــــــــــــالو تكـــــــــــــون دوائي
إن يشف هذا الجسم طيب هوائها أيــــــــلطف النـــــــــــــــيران طيب هــــــواء
عبث طوافـــــــي في البلاد وعلة فـي عـــــــــــلة مــــــــــــــنفاي لاســــــتشفاء
متـــــفرد بصــــــــــبابتي, متفرد بكــــــــــــــــــآبتي , متفــــــــــــــرد بعنـــائي
المقطع الثالث :
شاك الى البحر اضطراب خواطري فيجـــــــــــــيبني برياحـــــــــــه الهوجاء
ثاو على صخر أصـــــــــم وليت لي قلــــــــــــبا كهــــــــذي الصخرة الصماء
ينتابها موج كموج مكـــــــــــــارهي ويفــــــــــــتها كالسقم في أعضـــــــــائي
والبحر خفاق الجوانـــــــــــب ضائق كمدا كصدري ساعة الإمســــــــــــــــــاء
تغـــشى البرية كـــــــــــــدرة وكأنها صــــــــــــــــــعدت الى عيني من أحشائي
والأفق معتكر قريح جفــــــــــــــــنه يغضي على الغمرات والأقـــــــــــــــــــذاء
يا للغروب وما به من عـــــــــــــبرة لــــلمستهام وعبرة للرائــــــــــــــــــــــــــي
أوليس نزعا للنهار وصرعــــــــــة للشـــــــــــــــــــــــــمس بين مآتم الأضواء
أوليس طـــــــــــــمسا لليقين ومبعثا للشك بين غلائل الظـــــــــــــــــــــــــــلماء ؟
أوليس محو للوجــــــــود الى مدى وإبـــادة لمعـــــــــــــــــــــــــــــالم الأشياء ؟
حتى يكون النور تجديدا لــــــــــها ويكون شبــــــــــــــــه البعث عود ذكـــــــــاء
المقطع الرابع :
ولقد ذكرتــــــــــــك والنهار مودع والقلــــــــــــــــــــــــــــب بين مهابة ورجاء
وخواطري تبدو تجاة نواظــــــــري كلمى كداميـــــــــــــــــــــــة السحاب إزائي
والدمع من جفني يسيل مشعشعـــــا بسنى الشعــــــــــــــــــــاع الغارب المترائي
والشمس في شـــــــفق يسيل نظاره فوق العقــــــــــــــــــــــيق على درى سوداء
مرت خلال غمامتين تحــــــــــــدرا وتقطرت كالدمعـــــــــــــــــــــــة الحـــمراء
فكأن آخر دمعــــــــــــــــة للكون قد مزجت بآخر أدمعـــــي لرثــــــــــــــــــــائي
وكأنني آنست يومــــــــــــــي زائلا فـــــــــــــــــــــرأيت في المرآة كيف مسائي

المســــــاء اليا ابو ماضى:
لسحب تركض في الفضاء الرّحب ركض الخائفين
و الشمس تبدو خلفها صفراء عاصبة الجبين
و البحر ساج صامت فيه خشوع الزاهدين
لكنّما عيناك باهتتان في الأفق البعيد
سلمى ... بماذا تفكّرين ؟
سلمى ... بماذا تحلمين ؟
* * *
أرأيت أحلام الطفوله تختفي خلف التّخوم ؟
أم أبصرت عيناك أشباح الكهوله في الغيوم ؟
أم خفت أن يأتي الدّجى الجاني و لا تأتي النجوم ؟
أنا لا أرى ما تلمحين من المشاهد إنّما
أظلالها في ناظريك
تنمّ ، يا سلمى ، عليك
إنّي أراك كسائح في القفر ضلّ عن الطّريق
يرجو صديقاً في الفـــــــــــلاة ، وأين في القفر الصديق
يهوى البروق وضوءها ، و يخاف تخدعه البروق
بل أنت أعظم حيرة من فارس تحت القتام
لا يستطيع الانتصار
و لا يطيق الانكسار
* * *
هذي الهواجس لم تكن مرسومه في مقلتيك
فلقد رأيتك في الضّحى و رأيته في وجنتيك
لكن وجدتك في المساء وضعت رأسك في يديك
و جلست في عينيك ألغاز ، و في النّفس اكتئاب
مثل اكتئاب العاشقين
سلمى ... بماذا تفكّرين ؟
* * *
بالأرض كيف هوت عروش النّور عن هضباتها ؟
أم بالمروج الخضر ساد الصّمت في جنباتها ؟
أم بالعصافير التي تعدو إلى و كناتها ؟
أم بالمسا ؟ إنّ المسا يخفي المدائن كالقرى
و الكوخ كالقصر المكين
و الشّوك مثل الياسمين
* * *
لا فرق عند اللّيل بين النهر و المستنقع
يخفي ابتسامات الطروب كأدمع المتوجّع
إنّ الجمال يغيب مثل القبح تحت البّرقع
لكن لماذا تجزعين على النهار و للدّجى
أحلامه و رغائبه
و سماؤه و كواكبه ؟
* * *
إن كان قد ستر البلاد سهولها ووعورها
لم يسلب الزهر الأريج و لا المياه خريرها
كلا ، و لا منع النّسائم في الفضاء مسيرها
ما زال في الورق الحفيف و في الصّبا أنفاسها
و العندليب صداحه
لا ظفره و جناحه
* * *
فاصغي إلى صوت الجداول جاريات في السّفوح
واستنشقي الأزهار في الجنّات ما دامت تفوح
و تمتّعي بالشّهب في الأفلاك ما دامت تلوح
من قبل أن يأتي زمان كالضّباب أو الدّخان
لا تبصرين به الغدير
و لا يلذّ لك الخرير
* * *
لتكن حياتك كلّها أملا جميلا طيّبا
و لتملإ الأحلام نفسك في الكهولة و الصّبى
مثل الكواكب في السماء و كالأزاهر في الرّبى
ليكن بأمر الحبّ قلبك عالما في ذاته
أزهاره لا تذبل
و نجومه لا تأفل
* * *
مات النهار ابن الصباح فلا تقولي كيف مات
إنّ التأمّل في الحياة يزيد أوجاع الحياة
فدعي الكآبة و الأسى و استرجعي مرح الفتاه
قد كان وجهك في الضّحى مثل الضّحى متهلّلا
فيه البشاشة و البهاء
ليكن كذلك في المساء
ارجو ان ينال اعجابكم..تحياتي}

من طرف ابراهيم 2 الثلاثاء أغسطس 25, 2009 7:08 am

روعة بارك الله فيك ودمت متألقة تحياتي

من طرف **التيدوم** الثلاثاء أغسطس 25, 2009 7:10 am

تحياتي وتقديري البالغ على الإختيار المتميز تقبليى مرورى

من طرف vaizamariem الثلاثاء أغسطس 25, 2009 8:19 am

شكرا لك اخي الكريم التيدوم على المرور العطر..
تقبل تحياتى: flower

من طرف **ام جهاد** الثلاثاء أغسطس 25, 2009 3:58 pm

روعة بارك الله فيك

من طرف vaizamariem الثلاثاء أغسطس 25, 2009 5:23 pm

اخي الكريم ابراهيم شكرا لك على المرور المميز..
والشكر كذلك موصول اليك ام جهاد..
بارك الله فيكما..
تحياتى flower

روعة هذا النص و الديباجة القوية التي استهل بها
قمة الإبداع أن تقول بلسان واحد ما يود ملايين الألسن قوله
و يعجزهم التعبير عنه
تحياتي لك من شاعرة فذة

من طرف vaizamariem الثلاثاء أغسطس 25, 2009 9:23 pm

بصماتك اخي الكريم ابو الفحفاح هي الروعة والجمال كله..
مرورك اسعدني
تحياتي flower

من طرف elmaliki الأربعاء أغسطس 26, 2009 10:57 am

ان من الشعر لحكمة مقولة كثيرا ماكنت اسمعها واحاول ان اتلمسها في النصوص الشعرية لكني كثيرا ما لا اوفق في العثور عليها !!!

من طرف tarwan الأربعاء أغسطس 26, 2009 10:39 pm

فايزه مريم انت فنانة حقيقيه وما احوج مدائن الريح الي الفنانين من امثالك
فنانة في كتاباتك
فنانة في اختياراتك
هذين النصين في قمة الروعة
تقبلي مروري المتواضع اختي الكريمة وواصلي التالق
اخوك ترون

من طرف vaizamariem الخميس أغسطس 27, 2009 10:53 am

عزيزاي ا,المالكي وترون .
الحقيقة ان مروركما عطر صفحتي وجملها.فتقبلا جزيل شكري و امتنان..

تحياتي flower

المساء بين التفاؤل و التشاؤم

المساء بين التفاؤل و التشاؤم

رد: المساء بين التفاؤل و التشاؤم

رد: المساء بين التفاؤل و التشاؤم

رد: المساء بين التفاؤل و التشاؤم

رد: المساء بين التفاؤل و التشاؤم

رد: المساء بين التفاؤل و التشاؤم

رد: المساء بين التفاؤل و التشاؤم

رد: المساء بين التفاؤل و التشاؤم

رد: المساء بين التفاؤل و التشاؤم

رد: المساء بين التفاؤل و التشاؤم

رد: المساء بين التفاؤل و التشاؤم