بحـث
المواضيع الأخيرة
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
أبوالفحفاح11 | ||||
ام جهاد | ||||
التيدوم | ||||
mantboha | ||||
المتخصص للتدريب | ||||
الفايز | ||||
vaizamariem | ||||
tarwan | ||||
sidati20072 | ||||
اليم |
نبذة و أشعارحول الشاعرة: نازك الملائكة
5 مشترك
مـنـتــديــــات مـدائـــن الريــح :: مدائــــــــــــــــــــــــــــن الأدب :: منتدى الشعر و الشعراء
صفحة 1 من اصل 1
نبذة و أشعارحول الشاعرة: نازك الملائكة
نازك الملائكة شاعرة عراقية تمثل أحد أبرز الأوجه المعاصرة للشعر العربي
الحديث، الذي يكشف عن ثقافة عميقة الجذور بالتراث والوطن والإنسان.
الحديث، الذي يكشف عن ثقافة عميقة الجذور بالتراث والوطن والإنسان.
ولدت نازك الملائكة في بغداد عام 1923 وتخرجت في دار المعلمين
عام 1944، وفي عام 1949 تخرجت في معهد الفنون الجميلة "فرع العود"، لم
تتوقف في دراستها الأدبية والفنية إلى هذا الحد إذ درست اللغة اللاتينية
في جامعة برستن في الولايات المتحدة الأمريكية، كذلك درست اللغة الفرنسية
والإنكليزية وأتقنت الأخيرة وترجمت بعض الأعمال الأدبية عنها، وفي عام
1959 عادت إلى بغداد بعد أن قضت عدة سنوات في أمريكا لتتجه إلى انشغالاتها
الأدبية في مجالي الشعر والنقد، والتحقت عام 1954 بالبعثة العراقية إلى
جامعة وسكونسن لدراسة الأدب المقارن، وقد ساعدتها دراستها هذه المرة
للاطلاع على اخصب الآداب العالمية، فإضافة لتمرسها بالآداب الإنكليزية
والفرنسية فقد اطلعت على الأدب الألماني والإيطالي والروسي والصيني
والهندي.
اشتغلت بالتدريس في كلية التربية ببغداد عام 1957، وخلال عامي 59
و1960 تركت العراق لتقيم في بيروت وهناك أخذت بنشر نتاجاتها الشعرية
والنقدية، ثم عادت إلى العراق لتدرس اللغة العربية وآدابها في جامعة
البصرة
تكاد تكون نازك الملائكة رائدة للشعر الحديث، بالرغم من إن مسألة
السبق في "الريادة" لم تحسم بعد بينها وبين بدر شاكر السياب، ولكن نازك
نفسها تؤكد على تقدمها في هذا المجال عندما تذكر في كتابها "قضايا الشعر
المعاصر" بأنها أول من قال قصيدة الشعر الحر، وهي قصيدة "الكوليرا" عام
1947. أما الثاني -في رأيها- فهو بدر شاكر السياب في ديوانه "أزهار ذابلة"
الذي نشر في كانون الأول من السنة نفسها.
لنازك الملائكة العديد من المجاميع الشعرية والدراسات النقدية
منها ما ضمها كتاب ومنها ما نشر في المجلات والصحف الأدبية، أما مجاميعها
الشعرية فهي على التوالي:
عاشقة الليل 1947، شظايا ورماد 1949، قرار الموجة 1957، شجرة
القمر1968، مأساة الحياة وأغنية الإنسان "ملحمة شعرية" 1970، يغير ألوانه
البحر1977، وللصلاة والثورة 1978.
ونازك الملائكة ليست شاعرة مبدعة حسب، بل ناقدة مبدعة أيضاً،
فآثارها النقدية: (قضايا الشعر المعاصر1962)، (الصومعة والشرفة
الحمراء1965) و(سيكولوجية الشعر 1993) تدل على إنها جمعت بين نوعين من
النقد، نقد النقاد ونقد الشعراء أو النقد الذي يكتبه الشعراء، فهي تمارس
النقد بصفتها ناقدة متخصصة. فهي الأستاذة الجامعية التي يعرفها الدرس
الأكاديمي حق معرفة، وتمارسه بصفتها مبدعة منطلقة من موقع إبداعي لأنها
شاعرة ترى الشعر بعداً فنياً حراً لا يعرف الحدود أو القيود. لذلك فنازك
الناقدة، ومن خلال آثارها النقدية تستبطن النص الشعري وتستنطقه وتعيش في
أجوائه ناقدة وشاعرة على حد سواء بحثاً عن أصول فنية أو تجسيداً لمقولة
نقدية أو تحديداً لخصائص شعرية مشتركة.
يتبع
عام 1944، وفي عام 1949 تخرجت في معهد الفنون الجميلة "فرع العود"، لم
تتوقف في دراستها الأدبية والفنية إلى هذا الحد إذ درست اللغة اللاتينية
في جامعة برستن في الولايات المتحدة الأمريكية، كذلك درست اللغة الفرنسية
والإنكليزية وأتقنت الأخيرة وترجمت بعض الأعمال الأدبية عنها، وفي عام
1959 عادت إلى بغداد بعد أن قضت عدة سنوات في أمريكا لتتجه إلى انشغالاتها
الأدبية في مجالي الشعر والنقد، والتحقت عام 1954 بالبعثة العراقية إلى
جامعة وسكونسن لدراسة الأدب المقارن، وقد ساعدتها دراستها هذه المرة
للاطلاع على اخصب الآداب العالمية، فإضافة لتمرسها بالآداب الإنكليزية
والفرنسية فقد اطلعت على الأدب الألماني والإيطالي والروسي والصيني
والهندي.
اشتغلت بالتدريس في كلية التربية ببغداد عام 1957، وخلال عامي 59
و1960 تركت العراق لتقيم في بيروت وهناك أخذت بنشر نتاجاتها الشعرية
والنقدية، ثم عادت إلى العراق لتدرس اللغة العربية وآدابها في جامعة
البصرة
تكاد تكون نازك الملائكة رائدة للشعر الحديث، بالرغم من إن مسألة
السبق في "الريادة" لم تحسم بعد بينها وبين بدر شاكر السياب، ولكن نازك
نفسها تؤكد على تقدمها في هذا المجال عندما تذكر في كتابها "قضايا الشعر
المعاصر" بأنها أول من قال قصيدة الشعر الحر، وهي قصيدة "الكوليرا" عام
1947. أما الثاني -في رأيها- فهو بدر شاكر السياب في ديوانه "أزهار ذابلة"
الذي نشر في كانون الأول من السنة نفسها.
لنازك الملائكة العديد من المجاميع الشعرية والدراسات النقدية
منها ما ضمها كتاب ومنها ما نشر في المجلات والصحف الأدبية، أما مجاميعها
الشعرية فهي على التوالي:
عاشقة الليل 1947، شظايا ورماد 1949، قرار الموجة 1957، شجرة
القمر1968، مأساة الحياة وأغنية الإنسان "ملحمة شعرية" 1970، يغير ألوانه
البحر1977، وللصلاة والثورة 1978.
ونازك الملائكة ليست شاعرة مبدعة حسب، بل ناقدة مبدعة أيضاً،
فآثارها النقدية: (قضايا الشعر المعاصر1962)، (الصومعة والشرفة
الحمراء1965) و(سيكولوجية الشعر 1993) تدل على إنها جمعت بين نوعين من
النقد، نقد النقاد ونقد الشعراء أو النقد الذي يكتبه الشعراء، فهي تمارس
النقد بصفتها ناقدة متخصصة. فهي الأستاذة الجامعية التي يعرفها الدرس
الأكاديمي حق معرفة، وتمارسه بصفتها مبدعة منطلقة من موقع إبداعي لأنها
شاعرة ترى الشعر بعداً فنياً حراً لا يعرف الحدود أو القيود. لذلك فنازك
الناقدة، ومن خلال آثارها النقدية تستبطن النص الشعري وتستنطقه وتعيش في
أجوائه ناقدة وشاعرة على حد سواء بحثاً عن أصول فنية أو تجسيداً لمقولة
نقدية أو تحديداً لخصائص شعرية مشتركة.
يتبع
أبوالفحفاح11- المدير العام المساعد
- عدد المساهمات : 990
نقاط : 3767
تاريخ التسجيل : 26/04/2009
رد: نبذة و أشعارحول الشاعرة: نازك الملائكة
شجرة القمر
على قمّةٍ من جبال الشمال كَسَاها الصَّنَوْبَرْ | |
وغلّفها أفُقٌ مُخْمليٌّ وجوٌّ مُعَنْبَر ْ | |
وترسو الفراشاتُ عند ذُرَاها لتقضي المَسَاءْ | |
وعند ينابيعها تستحمّ نجومُ السَّمَاءْ | |
هنالكَ كان يعيشُ غلامٌ بعيدُ الخيالْ | |
إذا جاعَ يأكلُ ضوءَ النجومِ ولونَ الجبالْ | |
ويشربُ عطْرَ الصنوبرِ والياسمين الخَضِلْ | |
ويملأ أفكارَهُ من شَذَى الزنبقِ المُنْفعلْ | |
وكان غلامًا غريبَ الرؤى غامض الذكرياتْ | |
وكان يطارد عطر الرُّبَى وصَدَى الأغنياتْ | |
وكانت خلاصةُ أحلامِهِ أن يصيدَ القَمَرْ | |
ويودعَهُ قفصًا من ندًى وشذًى وزَهَرْ | |
وكان يقضِّي المساءَ يحوك الشباكَ ويَحْلُمْ | |
يوسّدُهُ عُشُبٌ باردٌ عند نبع مغمغِمْ | |
ويسْهَرُ يرمُقُ وادي المساء ووجْهَ القَمَرْ | |
وقد عكستْهُ مياهُ غديرٍ بَرُودٍ عَطِرْ | |
وما كان يغفو إذا لم يَمُرّ الضياءُ اللذيذ | |
على شَفَتيهِ ويسقيهِ إغماءَ كأسِ نبيذْ | |
وما كان يشربُ من منبع الماء إلاّ إذا | |
أراق الهلالُ عليه غلائلَ سكرى الشَّذَى | |
2 | |
وفي ذات صيفٍ تسلّل هذا الغلامُ مساءْ | |
خفيفَ الخُطَى, عاريَ القدمين, مَشُوقَ الدماءْ | |
وسار وئيدًا وئيدًا إلى قمَّةٍ شاهقهْ | |
وخبّأ هيكلَهُ في حِمَى دَوْحةٍ باسقهْ | |
وراح يعُدّ الثواني بقلبٍ يدُقّ يدُقّ | |
وينتظرُ القَمَرَ العذْبَ والليلُ نشوانُ طَلْقُ | |
وفي لحظةٍ رَفَعَ الشَّرْقُ أستارَهُ المُعْتمهْ | |
ولاحَ الجبينُ اللجينيّ والفتنةُ المُلْهِمهْ | |
وكان قريبًا ولم يَرَ صيّادَنا الباسما | |
على التلِّ فانسابَ يذرَعُ أفْقَ الدُّجَى حالما | |
... وطوّقَهُ العاشقُ الجبليّ ومسّ جبينَهْ | |
وقبّلَ أهْدابَهُ الذائباتِ شذًى وليونهْ | |
وعاد به: ببحارِ الضِّياءِ, بكأس النعومهْ | |
بتلك الشفاهِ التي شَغَلتْ كل رؤيا قديمهْ | |
وأخفاه في كُوخه لا يَمَلّ إليه النَّظَرْ | |
أذلكَ حُلْمٌ? وكيف وقد صاد.. صادَ القَمرْ? | |
وأرقَدَه في مهادٍ عبيريّةِ الرّوْنقِ | |
وكلّلَهُ بالأغاني, بعيْنيهِ, بالزّنْبقِ |
أبوالفحفاح11- المدير العام المساعد
- عدد المساهمات : 990
نقاط : 3767
تاريخ التسجيل : 26/04/2009
رد: نبذة و أشعارحول الشاعرة: نازك الملائكة
تابع لما قبله
3 | |
وفي القريةِ الجبليّةِ, في حَلَقات السّمَرْ | |
وفي كلّ حقلٍ تَنَادَى المنادون: "أين القمر?!" | |
"وأين أشعّتُهُ المُخْمليّةُ في مَرْجنا?" | |
"وأين غلائلُهُ السُّحُبيّة في حقلنا?" | |
ونادت صبايا الجبالِ جميعًا "نُريدُ القَمَرْ!" | |
فردّدتِ القُنَنُ السامقاتُ: "نُريدُ القَمَرْ" | |
"مُسامِرُنا الذهبيّ وساقي صدى زَهْرنا" | |
"وساكبُ عطر السنابِل والورد في شَعْرنا" | |
"مُقَبّلُ كلّ الجِراح وساقي شفاه الورودْ" | |
"وناقلُ شوقِ الفَرَاشِ لينبوعِ ماءٍ بَرودْ" | |
"يضيءُ الطريقَ إلى كلّ حُلْمٍ بعيدِ القَرَارْ" | |
"ويُنْمي جدائلَنا ويُريقُ عليها النُّضَارْ" | |
"ومن أينَ تبرُدُ أهدابُنا إن فَقَدْنا القَمَر?" | |
"ومَنْ ذا يرقّقُ ألحاننا? مَن يغذّي السّمَرْ?" | |
ولحنُ الرعاةِ تردّدَ في وحشةٍ مضنيهْ | |
فضجّتْ برَجْعِ النشيدِ العرائشُ والأوديهْ | |
وثاروا وساروا إلى حيثُ يسكُنُ ذاكَ الغُلامْ | |
ودقّوا على البابِ في ثورةٍ ولَظًى واضطرامْ | |
وجُنّوا جُنُونًا ولم يَبْقَ فوق المَرَاقي حَجَرْ | |
ولا صخرةٌ لم يُعيدا الصُّرَاخَ: "نُريدُ القَمَرْ" | |
وطاف الصّدَى بجناحَيْهِ حول الجبالِ وطارْ | |
إلى عَرَباتِ النجومِ وحيثُ ينامُ النّهَارْ | |
وأشرَبَ من نارِهِ كلّ كأسٍ لزهرةِ فُلِّ | |
وأيقَظَ كلّ عبيرٍ غريبٍ وقَطْرةِ طلِّ | |
وجَمّعَ مِن سَكَراتِ الطبيعةِ صوتَ احتجاجْ | |
ترددَ عند عريش الغلامِ وراء السياجْ | |
وهزَّ السكونَ وصاحَ: "لماذا سَرَقْت القَمَرْ?" | |
فجُنّ المَسَاءُ ونادى: "وأينَ خَبَأْتَ القَمَرْ?" | |
4 | |
وفي الكوخِ كان الغلامُ يضُمّ الأسيرَ الضحوكْ | |
ويُمْطرُهُ بالدموع ويَصْرُخُ: "لن يأخذوك?" | |
وكان هُتَافُ الرّعاةِ يشُقّ إليهِ السكونْ | |
فيسقُطُ من روحه في هُوًى من أسًى وجنونْ | |
وراح يغنّي لملهِمه في جَوًى وانْفعالْ | |
ويخلطُ بالدَّمْع والملح ترنيمَهُ للجمالْ | |
ولكنّ صوتَ الجماهيرِ زادَ جُنونًا وثورهْ | |
وعاد يقلِّبُ حُلْمَ الغلامِ على حدِّ شفرهْ | |
ويهبطُ في سَمْعه كالرّصاص ثقيلَ المرورْ | |
ويهدمُ ما شيّدتْهُ خيالاتُهُ من قصور | |
وأين سيهرُبُ? أين يخبّئ هذا الجبينْ? | |
ويحميهِ من سَوْرة الشَّوْقِ في أعين الصائدين? | |
وفي أيّ شيء يلفّ أشعَّتَهُ يا سَمَاءْ | |
وأضواؤه تتحدّى المخابئَ في كبرياءْ? | |
ومرّتْ دقائقُ منفعِلاتٌ وقلبُ الغُلامْ | |
تمزِّقُهُ مُدْيةُ الشكِّ في حَيْرةٍ وظلامْ | |
وجاء بفأسٍ وراح يشقّ الثَّرَى في ضَجَرْ | |
ليدفِنَ هذا الأسيرَ الجميلَ, وأينَ المفرْ? | |
وراحَ يودِّعُهُ في اختناقٍ ويغسِلُ لونهْ | |
بأدمعِه ويصُبّ على حظِّهِ ألفَ لعنَهْ | |
5 | |
وحينَ استطاعَ الرّعاةُ المُلحّون هدْمَ الجدارْ | |
وتحطيمَ بوّابةِ الكوخ في تَعَبٍ وانبهارْ | |
تدفّقَ تيّارهم في هياجٍ عنيفٍ ونقمهْ | |
فماذا رأوا? أيّ يأسٍ عميق وأيّة صَدْمَهْ! | |
فلا شيءَ في الكوخ غيرَ السكون وغيرَ الظُّلَمْ | |
وأمّا الغُلامُ فقد نام مستَغْرَقًا في حُلُمْ | |
جدائلُهُ الشُّقْرُ مُنْسدلاتٌ على كَتِفَيهِ | |
وطيفُ ابتسامٍ تلكّأ يَحلُمُ في شفتيهِ | |
ووجهٌ كأنَّ أبولونَ شرّبَهُ بالوضاءهْ | |
وإغفاءةٌ هي سرّ الصَّفاءِ ومعنى البراءهْ | |
وحار الرُّعاةُ أيسرقُ هذا البريءُ القَمَرْ? | |
ألم يُخطِئوا الاتّهام ترى? ثمّ... أينَ القَمَرْ? | |
وعادوا حَيارى لأكواخهم يسألونَ الظلامْ | |
عن القَمَر العبقريّ أتاهَ وراءَ الغمامْ? | |
أم اختطفتْهُ السَّعالي وأخفتْهُ خلفَ الغيومْ | |
وراحتْ تكسّرُهُ لتغذّي ضياءَ النجومْ? | |
أمِ ابتلعَ البحرُ جبهتَهُ البضّةَ الزنبقيّهْ? | |
وأخفاهُ في قلعةٍ من لآلئ بيضٍ نقيّهْ? | |
أم الريحُ لم يُبْقِ طولُ التنقّلِ من خُفِّها | |
سوى مِزَقٍ خَلِقاتٍ فأخفتْهُ في كهفها | |
لتَصْنَعَ خُفّينِ من جِلْدِهِ اللّين اللَّبَنيّ | |
وأشرطةً من سَناهُ لهيكلها الزنبقي |
أبوالفحفاح11- المدير العام المساعد
- عدد المساهمات : 990
نقاط : 3767
تاريخ التسجيل : 26/04/2009
رد: نبذة و أشعارحول الشاعرة: نازك الملائكة
تابع
6 | |
وجاء الصباحُ بَليلَ الخُطَى قمريّ البرُودْ | |
يتوّجُ جَبْهَتَهُ الغَسَقيَّةَ عِقْدُ ورُودْ | |
يجوبُ الفضاءَ وفي كفّه دورقٌ من جَمالْ | |
يرُشّ الندى والبُرودةَ والضوءَ فوق الجبالْ | |
ومرَّ على طَرَفَيْ قدمَيْه بكوخ الغُلامْ | |
ورشَّ عليه الضياءَ وقَطْرَ النَّدى والسَّلامْ | |
وراح يسيرُ لينجز أعمالَهُ في السُُّفُوحْ | |
يوزِّعُ ألوانَهُ ويُشِيعُ الرِّضا والوضوحْ | |
وهبَّ الغلامُ مِنَ النوم منتعشًا في انتشاءْ | |
فماذا رأى? يا نَدَى! يا شَذَى! يا رؤى! يا سماءْ! | |
هنالكَ في الساحةِ الطُّحْلُبيَّةِ, حيثُ الصباحْ | |
تعوَّدَ ألاَّ يَرَى غيرَ عُشْبٍ رَعَتْهُ الرياحْ | |
هنالكَ كانت تقومُ وتمتدّ في الجوِّ سِدْرَهْ | |
جدائلُها كُسِيَتْ خُضْرةً خِصْبةَ اللون ِثَرَّهْ | |
رعاها المساءُ وغذَّت شذاها شِفاه القَمَرْ | |
وأرضَعَها ضوءُه المختفي في الترابِ العَطِرْ | |
وأشربَ أغصانَها الناعماتِ رحيقَ شَذَاهُ | |
وصبَّ على لونها فضَّةً عُصِرَتْ من سَناهُ | |
وأثمارها? أيّ لونٍ غريبٍ وأيّ ابتكارْ | |
لقد حار فيها ضياءُ النجومِ وغارَ النّهارْ | |
وجُنّتْ بها الشَّجَراتُ المقلِّدَةُ الجامِدَهْ | |
فمنذ عصورٍ وأثمارُها لم تَزَلْ واحدهْ | |
فمن أيِّ أرضٍ خياليَّةٍ رَضَعَتْ? أيّ تُرْبهْ | |
سقتْها الجمالَ المفضَّضَ? أي ينابيعَ عذْبَهْ? | |
وأيةُ معجزةٍ لم يصِلْها خَيالُ الشَّجَرْ | |
جميعًا? فمن كلّ غُصْنٍ طريٍّ تَدَلَّى قَمَرْ | |
7 | |
ومرَّتْ عصورٌ وما عاد أهلُ القُرى يذكرون | |
حياةَ الغُلامِ الغريبِ الرُّؤى العبقريِّ الجُنون | |
وحتى الجبالُ طوتْ سرّه وتناستْ خطاهُ | |
وأقمارَهُ وأناشيدَهُ واندفاعَ مُناهُ | |
وكيف أعادَ لأهلِ القُرى الوالهين القَمَرْ | |
وأطلَقَهُ في السَّماءِ كما كانَ دونَ مقرْ | |
يجوبُ الفضاءَ ويَنْثرُ فيه النَّدَى والبُرودهْ | |
وشِبْهَ ضَبابٍ تحدّر من أمسياتٍ بعيدهْ | |
وهَمْسًا كأصداء نبعٍ تحدّر في عمْق كهفِ | |
يؤكّدُ أنَّ الغلامَ وقصّتَهُ حُلْمُ صيفِ |
أبوالفحفاح11- المدير العام المساعد
- عدد المساهمات : 990
نقاط : 3767
تاريخ التسجيل : 26/04/2009
رد: نبذة و أشعارحول الشاعرة: نازك الملائكة
خمس أغان للألم
يتبع
مُهْدي ليالينا الأسَى والحُرَقْ | |
ساقي مآقينا كؤوسَ الأرَقْ | |
نحنُ وجدناهُ على دَرْبنا | |
ذاتَ صباحٍ مَطِيرْ | |
ونحنُ أعطيناهُ من حُبّنا | |
رَبْتَةَ إشفاقٍ وركنًا صغيرْ | |
ينبِضُ في قلبنا | |
** | |
فلم يَعُد يتركُنا أو يغيبْ | |
عن دَرْبنا مَرّهْ | |
يتبعُنا ملءَ الوجودِ الرحيبْ | |
يا ليتَنا لم نَسقِهِ قَطْرهْ | |
ذاكَ الصَّباحَ الكئيبْ | |
مُهْدي ليالينا الأسَى والحُرَقْ | |
ساقي مآقينا كؤوس الأرَقْ | |
2 | |
مِن أينَ يأتينا الأَلمْ? | |
من أَينَ يأتينا? | |
آخَى رؤانا من قِدَمْ | |
ورَعى قوافينا | |
** | |
أمسِ اصْطحبناهُ إلى لُجج المياهْ | |
وهناكَ كسّرناه بدّدْناهُ في موج البُحَيرهْ | |
لم نُبْقِ منه آهةً لم نُبْقِ عَبْرهْ | |
ولقد حَسِبْنا أنّنا عُدْنا بمنجًى من أذَاهْ | |
ما عاد يُلْقي الحُزْنَ في بَسَماتنا | |
أو يخْبئ الغُصَصَ المريرةَ خلف أغنيَّاتِنا | |
** | |
ثم استلمنا وردةً حمراءَ دافئةَ العبيرْ | |
أحبابُنا بعثوا بها عبْرَ البحارْ | |
ماذا توقّعناهُ فيها? غبطةٌ ورِضًا قريرْ | |
لكنّها انتفضَتْ وسالتْ أدمعًا عطْشى حِرَارْ | |
وسَقَتْ أصابعَنا الحزيناتِ النَّغَمْ | |
إنّا نحبّك يا ألمْ | |
** | |
من أينَ يأتينا الألم? | |
من أين يأتينا? | |
آخى رؤانا من قِدَمْ | |
ورَعَى قوافينا | |
إنّا له عَطَشٌ وفَمْ | |
يحيا ويَسْقينا | |
3 | |
أليسَ في إمكاننا أن نَغْلِبَ الألمْ? | |
نُرْجِئْهُ إلى صباحٍ قادمٍ? أو أمْسِيهْ | |
نشغُلُهُ? نُقْنعهُ بلعبةٍ? بأغنيهْ? | |
بقصّةٍ قديمةٍ منسيّةِ النَّغَمْ? | |
** | |
ومَن عَسَاهُ أن يكون ذلك الألمْ? | |
طفلٌ صغيرٌ ناعمٌ مُستْفهِم العيونْ | |
تسْكته تهويدةٌ ورَبْتَةٌ حَنونْ | |
وإن تبسّمنا وغنّينا له يَنَمْ | |
** | |
يا أصبعًا أهدى لنا الدموع والنَّدَمْ | |
مَن غيرهُ أغلقَ في وجه أسانا قلبَهُ | |
ثم أتانا باكيًا يسألُ أن نُحبّهُ? | |
ومن سواهُ وزّعَ الجراحَ وابتسَمْ? | |
** | |
هذا الصغيرُ... إنّه أبرَأ مَنْ ظَلَمْ | |
عدوّنا المحبّ أو صديقنا اللدودْ | |
يا طَعْنةً تريدُ أن نمنحَها خُدودْ | |
دون اختلاجٍ عاتبٍ ودونما ألمْ | |
** | |
يا طفلَنا الصغيرَ سَامحْنا يدًا وفَمْ | |
تحفِرُ في عُيوننا معابرًا للأدمعِ | |
وتَسْتَثيرُ جُرْحَنا في موضعٍ وموضعِ | |
إنّا غَفَرْنا الذنبَ والإيذاء من قِدَمْ |
أبوالفحفاح11- المدير العام المساعد
- عدد المساهمات : 990
نقاط : 3767
تاريخ التسجيل : 26/04/2009
رد: نبذة و أشعارحول الشاعرة: نازك الملائكة
تابع
كيف ننسىَ الألَمْ | |
كيف ننساهُ? | |
من يُضيءُ لنا | |
ليلَ ذكراهُ? | |
سوف نشربُهُ سوف نأكلُهُ | |
وسنقفو شُرودَ خُطَاه | |
وإذا نِمنا كان هيكلُهُ | |
هو آخرَ شيءٍ نَرَاهْ | |
** | |
وملامحُهُ هي أوّلَ ما | |
سوف نُبْصرُهُ في الصباحْ | |
وسنحملُهُ مَعَنا حيثُما | |
حملتنا المُنى والجراحْ | |
** | |
سنُبيحُ له أن يُقيم السُّدودْ | |
بين أشواقنا والقَمَرْ | |
بين حُرْقتنا وغديرٍ بَرُودْ | |
بين أعيننا والنَّظَرْ | |
** | |
وسنسمح أن يَنْشُر البَلْوى | |
والأسَى في مآقينا | |
وسنُؤْويه في ثِنْيةٍ نَشْوَى | |
من ضلوع أغانينا | |
** | |
وأخيرًا ستجرفُهُ الوديانْ | |
ويوسّدُهُ الصُّبَّيْر | |
وسيهبِطُ واديَنَا النسيان | |
يا أسانا, مساءَ الخَيْرْ! | |
** | |
سوف ننسى الألم | |
سوف ننساهُ | |
إنّنا بالرضا | |
قد سقيناهُ | |
5 | |
نحن توّجناكَ في تهويمةِ الفجْرِ إلهَا | |
وعلى مذبحكَ الفضيّ مرّغْنَا الجِبَاهَا | |
يا هَوانا يا ألَمْ | |
ومن الكَتّانِ والسِّمْسِمِ أحرقنا بخورَا | |
ثمّ قَدّمْنا القرابينَ ورتّلْنَا سُطورَا | |
بابليَّاتِ النَّغَمْ | |
** | |
نحنُ شَيّدنا لكَ المعبَدَ جُدرانًا شَذيّهْ | |
ورَششنا أرضَهُ بالزَّيتِ والخمرِ النَّقيَّهْ | |
والدموع المُحرِقهْ | |
نحن أشعلنا لكَ النيرانَ من سَعف النخيلِ | |
وأسانا وَهشيم القمح في ليلٍ طويلِ | |
بشفاهٍ مُطْبَقَهْ | |
** | |
نحنُ رتّلْنَا ونادَيْنا وقدّمْنا النذورْ: | |
بَلَحٌ من بابلِ السَّكْرَى وخُبْزٌ وخمورْ | |
وورودٌ فَرِحَهْ | |
ثمّ صلّينا لعينيك وقرّبنا ضحيّهْ | |
وجَمَعْنا قطَراتِ الأدمُعِ الحرّى السخيّهْ | |
وَصنَعْنا مَسْبَحَهْ | |
** | |
أنتَ يا مَنْ كفُّهُ أعطتْ لحونًا وأغاني | |
يا دموعًا تمنحُ الحكمةَ, يا نبْعَ معانِ | |
يا ثَرَاءً وخُصوبَهْ | |
يا حنانًا قاسيًا يا نقمةً تقطُرُ رحْمَه | |
نحنُ خبّأناكَ في أحلامنا في كلّ نغْمهْ | |
من أغانينا الكئيبهْ |
أبوالفحفاح11- المدير العام المساعد
- عدد المساهمات : 990
نقاط : 3767
تاريخ التسجيل : 26/04/2009
رد: نبذة و أشعارحول الشاعرة: نازك الملائكة
أغنية حب للكلمات
فيمَ نخشَى الكلماتْ | |
وهي أحيانًا أكُُفٌّ من ورودِ | |
بارداتِ العِطْرِ مرّتْ عذْبةً فوق خدودِ | |
وهي أحيانًا كؤوسٌ من رحيقٍ مُنْعِشِ | |
رشَفَتْها, ذاتَ صيفٍ, شَفةٌ في عَطَشِ? | |
** | |
فيم نخشى الكلماتْ? | |
إنّ منها كلماتٍ هي أجراسٌ خفيّهْ | |
رَجعُها يُعلِن من أعمارنا المنفعلاتْ | |
فترةً مسحورةَ الفجرِ سخيّهْ | |
قَطَرَتْ حسّا وحبًّا وحياةْ | |
فلماذا نحنُ نخشى الكلماتْ? | |
** | |
نحنُ لُذْنا بالسكونِ | |
وصمتنا, لم نشأ أن تكشف السرَّ الشِّفاهُ | |
وحَسِبنا أنّ في الألفاظ غولاً لا نراهُ | |
قابعًا تُخْبئُهُ الأحرُفُ عن سَمْع القرونِ | |
نحنُ كبّلنا الحروف الظامئهْ | |
لم نَدَعْها تفرشُ الليلَ لنا | |
مِسْندًا يقطُرُ موسيقَى وعِطْرًا ومُنَى | |
وكؤوسًا دافئهْ | |
** | |
فيم نخشى الكلماتْ? | |
إنها بابُ هَوًى خلفيّةٌ ينْفُذُ منها | |
غَدُنا المُبهَمُ فلنرفعْ ستارَ الصمتِ عنها | |
إنها نافذةٌ ضوئيّةٌ منها يُطِلّ | |
ما كتمناهُ وغلّفناهُ في أعماقنا | |
مِن أمانينا ومن أشواقنا | |
فمتى يكتشفُ الصمتُ المملُّ | |
أنّنا عُدْنا نُحبّ الكلماتْ? | |
** | |
ولماذا نحن نخشَى الكلماتْ | |
الصديقاتِ التي تأتي إلينا | |
من مَدَى أعماقنا دافئةَ الأحرُفِ ثَرّهْ? | |
إنها تَفجؤنا, في غَفْلةٍ من شفتينا | |
وتغنّينا فتنثالُ علينا ألفُ فكرهْ | |
من حياةٍ خِصْبة الآفاقِ نَضْرهْ | |
رَقَدَتْ فينا ولم تَدْرِ الحياةْ | |
وغدًا تُلْقي بها بين يدينا | |
الصديقاتُ الحريصاتُ علينا, الكلماتْ | |
فلماذا لا نحبّ الكلماتْ? | |
** | |
فيمَ نخشى الكلماتْ? | |
إنّ منها كلماتٍ مُخْمليات العُذوبَهْ | |
قَبَسَتْ أحرفُها دِفْءَ المُنى من شَفَتين | |
إنّ منها أُخَرًا جَذْلى طَروبهْ | |
عَبرَت ورديّةَ الأفراح سَكْرى المُقْلتين | |
كَلِماتٌ شاعريّاتٌ, طريّهْ | |
أقبلتْ تلمُسُ خَدّينا, حروفُ | |
نامَ في أصدائها لونٌ غنيّ وحفيفُ | |
وحماساتٌ وأشواقٌ خفيّهْ | |
** | |
فيمَ نخشى الكلماتْ? | |
إن تكنْ أشواكها بالأمسِ يومًا جرَحتْنا | |
فلقد لفّتْ ذراعَيْها على أعناقنا | |
وأراقتْ عِطْرَها الحُلوَ على أشواقنا | |
إن تكن أحرفُها قد وَخَزَتْنا | |
وَلَوَتْ أعناقَها عنّا ولم تَعْطِفْ علينا | |
فلكم أبقت وعودًا في يَدَينا | |
وغدًا تغمُرُنا عِطْرًا ووردًا وحياةْ | |
آهِ فاملأ كأسَتيْنا كلِماتْ | |
** | |
في غدٍ نبني لنا عُشّ رؤًى من كلماتْ | |
سامقًا يعترش اللبلابُ في أحرُفِهِ | |
سنُذيبُ الشِّعْرَ في زُخْرُفِهِ | |
وسنَرْوي زهرَهُ بالكلماتْ | |
وسنَبْني شُرْفةً للعطْرِ والوردِ الخجولِ | |
ولها أعمدةٌ من كلماتْ | |
وممرًّا باردًا يسْبَحُ في ظلٍّ ظليلِ | |
حَرَسَتْهُ الكلماتْ | |
** | |
عُمْرُنا نحنُ نذرناهُ صلاةْ | |
فلمن سوف نصلّيها... لغير الكلماتْ? |
أبوالفحفاح11- المدير العام المساعد
- عدد المساهمات : 990
نقاط : 3767
تاريخ التسجيل : 26/04/2009
رد: نبذة و أشعارحول الشاعرة: نازك الملائكة
النهر العاشق
أين نمضي? إنه يعدو إلينا | |
راكضًا عبْرَ حقول القمْح لا يَلْوي خطاهُ | |
باسطًا, في لمعة الفجر, ذراعَيْهِ إلينا | |
طافرًا, كالريحِ, نشوانَ يداهُ | |
سوف تلقانا وتَطْوي رُعْبَنا أنَّى مَشَيْنا | |
** | |
إنه يعدو ويعدو | |
وهو يجتازُ بلا صوتٍ قُرَانا | |
ماؤه البنيّ يجتاحُ ولا يَلْويه سَدّ | |
إنه يتبعُنا لهفانَ أن يَطْوي صبانا | |
في ذراعَيْهِ ويَسْقينا الحنانا | |
** | |
لم يَزَلْ يتبعُنا مُبْتسمًا بسمةَ حبِّ | |
قدماهُ الرّطبتانِ | |
تركتْ آثارَها الحمراءَ في كلّ مكانِ | |
إنه قد عاث في شرقٍ وغربِ | |
في حنانِ | |
** | |
أين نعدو وهو قد لفّ يدَيهِ | |
حولَ أكتافِ المدينهْ? | |
إنه يعمَلُ في بطءٍ وحَزْمٍ وسكينهْ | |
ساكبًا من شفَتَيْهِ | |
قُبَلاً طينيّةً غطّتْ مراعيْنا الحزينهْ | |
** | |
ذلكَ العاشقُ, إنَّا قد عرفناهُ قديما | |
إنه لا ينتهي من زحفِهِ نحو رُبانا | |
وله نحنُ بنَيْنا, وله شِدْنا قُرَانا | |
إنه زائرُنا المألوفُ ما زالَ كريما | |
كلَّ عامٍ ينزلُ الوادي ويأتي للِقانا | |
** | |
نحن أفرغنا له أكواخنا في جُنْح ليلِ | |
وسنؤويهِ ونمضي | |
إنه يتبعُنا في كل أرضِ | |
وله نحنُ نصلّي | |
وله نُفْرِغُ شكوانا من العيشِ المملِّ | |
** | |
إنه الآن إلهُ | |
أو لم تَغْسِل مبانينا عليه قَدَمَيْها? | |
إنه يعلو ويُلْقي كنزَهُ بين يَدَيها | |
إنه يمنحُنا الطينَ وموتًا لا نراهُ | |
من لنا الآنَ سواهُ? |
أبوالفحفاح11- المدير العام المساعد
- عدد المساهمات : 990
نقاط : 3767
تاريخ التسجيل : 26/04/2009
رد: نبذة و أشعارحول الشاعرة: نازك الملائكة
إلى الشعر
من بَخور المعابدِ في بابل الغابرهْ | |
من ضجيج النواعيرِ في فَلَواتِ الجَنوبْ | |
من هتافاتِ قُمْريّةٍ ساهرهْ | |
وصدى الحاصدات يغنّين لحنَ الغروبْ | |
ذلكَ الصوتُ, صوتُكَ سوف يؤوبْ | |
لحياتي, لسمع السنينْ | |
مُثخَنًا بعبيرِ مساءٍ حزينْ | |
أثقلتهُ السنابِلُ بالأرَجِ النَّشْوانْ, | |
بصدًى شاعريّ غريبْ | |
من هُتافاتِ ضفدعةٍ في الدجى النعسان | |
يملأُ الليلَ والغدْرانْ | |
صوتُها المتراخي الرتيبْ | |
** | |
ذلك الصوتُ, صوتُكَ سوف يؤوب | |
لحياتي, لسَمْع المساءْ | |
سيؤوبُ وأسمعُ فيه غناءْ | |
قمريَّ العُذوبةِ فيه صَدًى من ليالي المطر | |
من هدوءِ غُصونِ الشجر | |
وهي تمتصّ سَكْرى, رحيق السَّماءْ | |
الرحيقَ الذي عطّرتْهُ الغيومْ | |
بالرؤى, بتحايا النجومْ | |
** | |
سأجوبُ الوجودْ | |
وسأجمَعُ ذرّاتِ صوتِكَ من كل نَبْعٍ بَرودْ | |
من جبال الشِّمالْ | |
حيث تهمسُ حتى الزنابقُ بالأُغنياتْ | |
حيثُ يحكي الصنوبرُ للزَّمَنِ الجوّالْ | |
قصصًا نابضاتْ | |
بالشَّذى, قصصًا عن غرامِ الظِّلالْ | |
بالسواقي, وعن أغنياتِ الذئابْ | |
لمياهِ الينابيعِ في ظُلَلِ الغاباتْ | |
عن وقَارِ المراعي وفلسفة الجَدْولِ المُنْسابْ | |
عن خَروفٍ يُحسّ اكتِئابًا عميقْ | |
ويُقضِّي النَّهارْ | |
يقضِمُ العُشْبَ والأفكارْ | |
مُغْرَقًا في ضَبابِ وجودٍ سحيقْ | |
** | |
وسأجمعُ ذرّاتِ صَوْتِك من ضَحِكاتِ النعيمْ | |
في مساءٍ قديمْ | |
من أماسيِّ دِجلةَ يُثْقلُ أجواءَهُ بالحنينْ | |
مرحُ الساهرينْ | |
يرشفونَ خرير المياهْ | |
وهي تَرْطُمُ شاطئَهُمْ, وضياءُ القَمَرْ | |
قَمَرِ الصيفِ يملأ جوّ المَساءِ صُوَرْ | |
والنسيمُ يمرّ كلمس شِفاهْ | |
من بلادٍ أُخَرْ | |
ليلةٌ شهرزاديّةُ الأجواءْ | |
في دجاها الحَنونْ | |
كلّ شيءٍ يُحسّ ويحلُمُ حتى السكونْ | |
ويهيم بحبِّ الضياءْ | |
** | |
وسأسمَع صوتَكَ حيثُ أكونْ | |
في انفعال الطبيعةِ, في لَحَظاتِ الجنونْ | |
حينَ تُثْقل رجعَ الرُّعودْ | |
ألفُ أسطورةٍ عن شَبابِ الوجودْ | |
عن عصورٍ تَلاَشَتْ وعن أُمَم لن تعودْ | |
عن حكاياتِ صبيانِ (عادْ) | |
لصبايا (ثمودْ) | |
وأقاصيصَ غنَّتْ بها شهرزادْ | |
ذلك الملكَ المجنونْ | |
في ليالي الشتاءْ | |
وسأسمَعُ صوتَكَ كلّ مَسَاءْ | |
حين يغفو الضياءْ | |
وتلوذُ المتاعبُ بالأحلامْ | |
وينامُ الطموحُ تنامُ المُنَى والغَرَامْ | |
وتنامُ الحياةُ, ويبقى الزَّمَانْ | |
ساهرًا لا يَنَامْ | |
مثل صوتك, ملء الدُّجَى الوَسنانْ | |
صوتُكَ السهرانْ | |
في حنيني العميق | |
صوتك الأبديّ الذي لا يَنَامْ | |
فهو يبقَى معي سهرانْ | |
وأُحسّ صداهُ الملوّنَ يملأ كل طريقْ | |
بالشَّذَى بندى الألوانْ | |
صوتُكَ المجهولْ | |
أنا أدركتُ - يا فرحتا - سرّهُ المَعْسُولْ | |
أنا أدركتُهُ أنا وَحْدي وصمْتُ الزَّمَانْ |
أبوالفحفاح11- المدير العام المساعد
- عدد المساهمات : 990
نقاط : 3767
تاريخ التسجيل : 26/04/2009
رد: نبذة و أشعارحول الشاعرة: نازك الملائكة
مرثية يوم تافه
لاحتِ الظلمةُ في الأفْق السحيقِ | |
وانتهى اليومُ الغريبُ | |
ومضت أصداؤه نحو كهوفِ الذكرياتِ | |
وغدًا تمضي كما كانت حياتي | |
شفةٌ ظمأى وكوبُ | |
عكست أعماقُهُ لونَ الرحيقِ | |
وإِذا ما لمستْهُ شفتايا | |
لم تجدْ من لذّةِ الذكرى بقايا | |
لم تجد حتى بقايا | |
انتهى اليومُ الغريبُ | |
انتهى وانتحبتْ حتى الذنوبُ | |
وبكتْ حتى حماقاتي التي سمّيتُها | |
ذكرياتي | |
انتهى لم يبقَ في كفّيّ منه | |
غيرُ ذكرى نَغَم يصرُخُ في أعماق ذاتي | |
راثيًا كفّي التي أفرغتُها | |
من حياتي, وادّكاراتي, ويومٍ من شبابي | |
ضاعَ في وادي السرابِ | |
في الضباب | |
كان يومًا من حياتي | |
ضائعًا ألقيتُهُ دون اضطرابِ | |
فوق أشلاء شبابي | |
عند تلِّ الذكرياتِ | |
فوق آلافٍ من الساعاتِ تاهت في الضَّبابِ | |
في مَتاهاتِ الليالي الغابراتِ | |
كان يومًا تافهًا. كان غريبًا | |
أن تَدُقَّ الساعةُ الكَسْلى وتُحصي لَحظاتي | |
إنه لم يكُ يومًا من حياتي | |
إنه قد كان تحقيقًا رهيبا | |
لبقايا لعنةِ الذكرى التي مزقتُها | |
هي والكأسُ التي حطّمتها | |
عند قبرِ الأمل الميِّتِ, خلفَ السنواتِ, | |
خلف ذاتي | |
كان يومًا تافهًا.. حتى المساءِ | |
مرت الساعاتُ في شِبْهِ بكاءِ | |
كلُّها حتى المساءِ | |
عندما أيقظَ سمعي صوتُهُ | |
صوتُهُ الحُلْوُ الذي ضيّعتُه | |
عندما أحدقتِ الظلمةُ بالأفْقِ الرهيبِ | |
وامّحتْ حتى بقايا ألمي, حتى ذنوبي | |
وامّحى صوتُ حبيبي | |
حملت أصداءه كفُّ الغروبِ | |
لمكانٍ غابَ عن أعينِ قلبي | |
غابَ لم تبقَ سوى الذكرى وحبّي | |
وصدى يومٍ غريبِ | |
كشحوبي | |
عبثًا أضرَعُ أن يُرجِعَ لي صوتَ حبيبي |
أبوالفحفاح11- المدير العام المساعد
- عدد المساهمات : 990
نقاط : 3767
تاريخ التسجيل : 26/04/2009
رد: نبذة و أشعارحول الشاعرة: نازك الملائكة
أغنية الهاوية
مججتُ الزوايا التي تلتوي | |
وراءَ النفوسْ | |
وراءَ بريقِ العُيُونْ | |
وأبغضتُ حتى السُّكونْ | |
وتلكَ المعاني التي تنطوي | |
عليها الكؤوسْ | |
معاني الصَّدَى والجُنونْ | |
معاني الخطايا التي تُبرقُ | |
بريقَ النجومْ | |
وفي لمسها اللهبُ المُحرقُ | |
ولونُ الهمومْ | |
كرهتُ الجفونَ التي تأسرُ | |
وخلفَ سماء ابتساماتها | |
لهيب الحقود | |
كرهتُ الأكفَّ التي تعصرُ | |
وخلفَ حرارة رَعْشاتها | |
جمودٌ كذُلِّ الحياهْ | |
على جُثةٍ تحت بعض اللحودْ | |
تعيثُ بها دودةٌ في برودْ | |
كرهتُ ارتعاشَ الشفاهْ | |
برَجعِ الصلاهْ | |
ففي كلِّ لفظٍ خطيئهْ | |
تجيشُ بها رَغباتٌ دنيئهْ | |
وعفتُ طُموحي وبحثي الطويلْ | |
عن الخيرِ, والحبِّ, والمُثلِ العاليهْ | |
وحقّرتُ سعيي إلى عالمٍ مستحيلْ | |
فخلفَ انخداعيَ تنتظرُ الهاويهْ | |
وعفتُ جنوني القديمَ وعفتُ الجديدْ | |
وأودعتهُ في مكانٍ بعيدْ | |
دفنتُ به رَغَباتِ البشرْ | |
وسمّيتهُ جنة الواهمين | |
ستمضي السنينْ | |
لماذا أُحسُّ الأسى والضَّجَرْ, | |
وكفُّ المطَرْ | |
تلفُّ على عنقي المختنقْ | |
حبالَ الفِكرْ? | |
وأينَ أسيرُ وقلبي النزقْ | |
هنالكَ ما زالَ, لا يبرُدُ | |
ولا يحترقْ | |
كقلبِ أبي الهولِ. أين الغدُ? | |
أُحسُّ حياتي تذوبْ | |
قفي لحظةً واحدهْ | |
ولا تَسحبي يَدكِ الباردهْ | |
فأغنيةُ الهاويهْ | |
تُهِيبُ بأقداميَ الشاردهْ | |
وتَلوي الدروبْ | |
قفي لحظةً يا حبالَ الحياهْ | |
ولا تتركيني هنا | |
معلقةً بالفراغِ الرهيبْ | |
فأمسي القريبْ | |
تلاشى على آخرِ المنحنى | |
وظلُّ غدي | |
تَلثَّمَ, أُوّاهُ لو أهتدي | |
قفي لحظةً واحدهْ | |
ولا تَسحبي يَدَكِ الباردهْ | |
فأغنيةُ الهاويهْ | |
تردّدها الأنفسُ الجانيهْ | |
تكرّرُها في جُنونْ | |
على سمعيَ المُجهَدِ | |
تكرّرُها لم يَعُدْ لي سكونْ | |
أكادُ أسيرُ إلى الهاويهْ | |
مع السائرينْ | |
وأدفِنُ آخرَ أحلاميهْ | |
وأنسى غدي |
أبوالفحفاح11- المدير العام المساعد
- عدد المساهمات : 990
نقاط : 3767
تاريخ التسجيل : 26/04/2009
رد: نبذة و أشعارحول الشاعرة: نازك الملائكة
الكوليرا
سكَن الليلُ | |
أصغِ إلى وَقْع صَدَى الأنَّاتْ | |
في عُمْق الظلمةِ, تحتَ الصمتِ, على الأمواتْ | |
صَرخَاتٌ تعلو, تضطربُ | |
حزنٌ يتدفقُ, يلتهبُ | |
يتعثَّر فيه صَدى الآهاتْ | |
في كل فؤادٍ غليانُ | |
في الكوخِ الساكنِ أحزانُ | |
في كل مكانٍ روحٌ تصرخُ في الظُلُماتْ | |
في كلِّ مكانٍ يبكي صوتْ | |
هذا ما قد مَزّقَهُ الموتْ | |
الموتُ الموتُ الموتْ | |
يا حُزْنَ النيلِ الصارخِ مما فعلَ الموتْ | |
طَلَع الفجرُ | |
أصغِ إلى وَقْع خُطَى الماشينْ | |
في صمتِ الفجْر, أصِخْ, انظُرْ ركبَ الباكين | |
عشرةُ أمواتٍ, عشرونا | |
لا تُحْصِ أصِخْ للباكينا | |
اسمعْ صوتَ الطِّفْل المسكين | |
مَوْتَى, مَوْتَى, ضاعَ العددُ | |
مَوْتَى, موتَى, لم يَبْقَ غَدُ | |
في كلِّ مكانٍ جَسَدٌ يندُبُه محزونْ | |
لا لحظَةَ إخلادٍ لا صَمْتْ | |
هذا ما فعلتْ كفُّ الموتْ | |
الموتُ الموتُ الموتْ | |
تشكو البشريّةُ تشكو ما يرتكبُ الموتْ | |
الكوليرا | |
في كَهْفِ الرُّعْب مع الأشلاءْ | |
في صمْت الأبدِ القاسي حيثُ الموتُ دواءْ | |
استيقظَ داءُ الكوليرا | |
حقْدًا يتدفّقُ موْتورا | |
هبطَ الوادي المرِحَ الوُضّاءْ | |
يصرخُ مضطربًا مجنونا | |
لا يسمَعُ صوتَ الباكينا | |
في كلِّ مكانٍ خلَّفَ مخلبُهُ أصداءْ | |
في كوخ الفلاّحة في البيتْ | |
لا شيءَ سوى صرَخات الموتْ | |
الموتُ الموتُ الموتْ | |
في شخص الكوليرا القاسي ينتقمُ الموتْ | |
الصمتُ مريرْ | |
لا شيءَ سوى رجْعِ التكبيرْ | |
حتّى حَفّارُ القبر ثَوَى لم يبقَ نَصِيرْ | |
الجامعُ ماتَ مؤذّنُهُ | |
الميّتُ من سيؤبّنُهُ | |
لم يبقَ سوى نوْحٍ وزفيرْ | |
الطفلُ بلا أمٍّ وأبِ | |
يبكي من قلبٍ ملتهِبِ | |
وغدًا لا شكَّ سيلقفُهُ الداءُ الشرّيرْ | |
يا شبَحَ الهيْضة ما أبقيتْ | |
لا شيءَ سوى أحزانِ الموتْ | |
الموتُ, الموتُ, الموتْ | |
يا مصرُ شعوري مزَّقَهُ ما فعلَ الموتْ |
أبوالفحفاح11- المدير العام المساعد
- عدد المساهمات : 990
نقاط : 3767
تاريخ التسجيل : 26/04/2009
رد: نبذة و أشعارحول الشاعرة: نازك الملائكة
في جبال الشمال
عُدْ بنا يا قطار ْ | |
فالظلام رهيبٌ هنا والسكونُ ثقيلْ | |
عُدْ بنا فالمدَى شاسعٌ والطريقُ طويل | |
والليالي قِصارْ | |
عدْ بنا فالرياحُ تنوحُ وراءَ الظلالْ | |
وعُواءُ الذئابِ وراءَ الجبالْ | |
كصراخِ الأسى في قلوبِ البشرْ | |
عُدْ بنا فعلى المنحدَرْ | |
شَبحٌ مكفهرٌّ حزينْ | |
تركتْ قَدَماهُ على كلِّ فجرٍ أثرْ | |
كلُّ فجرٍ تقضّى هنا بالأسى والحنين | |
شَبحُ الغربةِ القاتلهْ | |
في جبال الشّمالِ الحزينْ | |
شبحُ الوَحدةِ القاتلهْ | |
في الشمالِ الحزينْ | |
عد بنا قد سئمنا الطَّوَافْ | |
في سُفُوحِ الجبال وعُدْنا نخافْ | |
أن تطولَ ليالي الغيابْ | |
ويغطي عُوَاءُ الذئابْ | |
صوتنا ويعزُّ علينا الإيابْ | |
عُدْ بنا للجنوبْ | |
فهناكَ وراءَ الجبالِ قلوبْ | |
عدْ بنا للذينَ تركناهُم في الضبابْ | |
كلُّ كفٍّ تلوِّحُ في لهفةٍ واكتئابْ | |
كل كفٍّ فؤاد | |
عدْ بنا يا قطارُ, سئمنا الطَّوَافَ وطالَ البعادْ | |
وهنالكَ همسٌ عميقْ | |
لاثغٌ خلفَ كلِّ طريق | |
في شعابِ الجبالِ الضِّخامْ | |
ووراءَ الغمامْ | |
في ارتعاشِ الصَّنَوْبرِ, في القريةِ الشاحبهْ, | |
في عُوَاءِ ابن آوى, وفي الأنجمِ الغاربهْ, | |
في المراعي هنالكَ صوتٌ شَرُودْ | |
هامسٌ أن نعودْ | |
فهناكَ بيوتٌ أُخَر | |
ومراعٍ أخرْ | |
وقلوبٌ أخرْ | |
وهناكَ عيونٌ أبَت أن تنامْ | |
وأكفٌّ تضمُّ الدُّجَى في اضطرامْ | |
وشفاهٌ ترددُ أسماءنا في الظلامْ | |
وقلوبٌ تُصيخُ لأقدامنا في وُجومْ | |
وتنادي النجومْ | |
في أسًى وسكونْ: | |
"ومتى يا نجومُ سيذكرنا الهاربونْ?" | |
"ومتى يَرْجعونْ?" | |
لحظةً, سنعودْ | |
لن يرانا الدُّجَى ها هنا, سنعودْ | |
سنعودُ, سنطوي الجبالْ | |
ورُكَامَ التلالْ | |
لن ترانا ليالي الشمالْ | |
ها هنا من جديدْ | |
لن يحسَّ الفضاءُ المديد | |
نارَ آهاتِنا في المساءِ الرهيبْ | |
في سكونِ المساءِ الرهيبْ | |
** | |
عُدْ بنا يا قطارَ الشمالْ | |
فهناكَ وراءَ الجبالْ | |
الوجوهُ الرقاقُ التي حجَبَتها الليالْ | |
عُدْ بنا, عُد إلى الأذرُعِ الحانيهْ | |
في ظلالِ النخيلْ | |
حيثُ أيامُنا الماضيهْ | |
في انتظارٍ طويلْ | |
وقفتْ في انتظار | |
تتحرى رجوعَ القطارْ | |
لتسير مع السائرينْ | |
حيثُ أيامُنا تسألُ العابرينْ | |
واحدًا, واحدًا, في حنينْ | |
"ومتى عودةُ الهاربينْ?" | |
** | |
لنعُدْ فهناكَ نشيد قديمْ | |
حولَنا هامسٌ بالرُّجوعْ | |
ما أحبَّ الرجوعْ | |
بعد هذا الطوَاف الأليمْ | |
في جديبِ الشِّعابْ | |
حيث تَعْوي الذئاب | |
لنعدْ, فالدُّجَى بارد كالجليدْ | |
وهنالكَ خلفَ الفضاءِ البعيدْ | |
أذرعٌ دافئهْ | |
لنعدْ فالجبالُ تكشِّرُ عن ليلها المظلمِ | |
وهنالكَ خلفَ الدُّجَى المبهَمِ | |
صوتُ أحبابنا, في الظلامِ السحيقْ | |
نابضًا بالحنينِ العميقْ | |
صوتُهم مُثقلاً بالعتابْ | |
صوتُهم ردّدته الشِّعابْ | |
صوتُهُم في سكون المكانْ | |
دائرٌ كالزمانْ | |
لنعُدْ قبلَ أن يقضيَ الأفعوانْ | |
بفراقٍ طويلٍ, طويلْ | |
عن ظلالِ النخيلْ | |
عن أعزائنا خلفَ صمتِ القفارْ | |
عدْ بنا يا قطارْ | |
فالليالي قصار | |
وهنالكَ أحبابُنا في أسًى وانتظارْ |
أبوالفحفاح11- المدير العام المساعد
- عدد المساهمات : 990
نقاط : 3767
تاريخ التسجيل : 26/04/2009
رد: نبذة و أشعارحول الشاعرة: نازك الملائكة
إلى العام الجديد
يا عام لا تقرب مساكننا فنحن هنا طيوف | |
من عالم الأشباح, يُنكرُنا البشر | |
ويفر منّا الليل والماضي ويجهلنا القدر | |
ونعيش أشباحًا تطوفْ | |
نحن الذين نسير لا ذكرى لنا | |
لا حلم, لا أشواقُ تُشرق, لا مُنى | |
آفاق أعيننا رمادْ | |
تلك البحيرات الرواكدُ في الوجوه الصامتهْ | |
ولنا الجباه الساكتهْ | |
لا نبضَ فيها لا اتّقادْ | |
نحن العراة من الشعور, ذوو الشفاه الباهتهْ | |
الهاربون من الزمان إلى العدمْ | |
الجاهلون أسى الندمْ | |
نحن الذين نعيش في ترف القصورْ | |
ونَظَلُّ ينقصنا الشعور. | |
لا ذكرياتْ, | |
نحيا ولا تدري الحياةْ, | |
نحيا ولا نشكو, ونجهلُ ما البكاءْ | |
ما الموت, ما الميلاد, ما معنى السماء | |
** | |
يا عامُ سرْ, هو ذا الطريقْ | |
يلوي خطاكَ, سدًى نؤمل أن تُفيقْ | |
نحن الذين لهم عروق من قصبْ | |
بيضاءُ أو خضراء نحن بلا شعورْ. | |
الحزن نجهله ونجهل ما الغضب | |
ما قولُهم إنّ الضمائر قد تثور | |
ونود لو متنا فترفضنا القبور | |
ونود لو عرف الزمانْ | |
يومًا إلينا دربه كالآخرين | |
لو أننا كنا نؤرخ بالسنين, | |
لو أننا كنا نقيَّد بالمكانْ | |
لو أن أبواب القصور الشاهقات | |
كانت تجيءُ قلوبَنا بسوى الهواء, | |
لو أننا كنا نسير مع الحياةْ | |
نمشي, نحس, نرى, ننام | |
وينالنا ثلج الشتاءْ | |
ويلفُّ جبْهَتَنا الظلام | |
أواه لو كنا نحسّ كما يحس الآخرونْ | |
وتنالنا الأسقام أحيانًا وينهشنا الألم | |
لو أنَّ ذكرَى أو رجاء أو ندم | |
يومًا تسدُّ على بلادتنا السبيلْ | |
لو أننا نخشى الجنونْ | |
ويثيرُ وحشَتنا السكون | |
لو أن راحتنا يعكّرها رحيل | |
أو صدمة أو حزن حب مستحيل. | |
أواه لو كنا نموت كما يموت الآخرونْ |
أبوالفحفاح11- المدير العام المساعد
- عدد المساهمات : 990
نقاط : 3767
تاريخ التسجيل : 26/04/2009
رد: نبذة و أشعارحول الشاعرة: نازك الملائكة
مرثية إمرأة
[ صور من زقاق بغداديّ ] | |
ذهبتْ ولم يَشحَبْ لها خدٌّ ولم ترجُفْ شفاهُ | |
لم تَسْمع الأبوابُ قصةَ موتها تُرْوَى وتُرْوَى | |
لم تَرتَفِعْ أستار نافذةٍ تسيلُ أسًى وشجوَا | |
لتتابعَ التابوت بالتحديقِ حتى لا تراهُ | |
إلا بقيّةَ هيكلٍ في الدربِ تُرْعِشُه الذِّكَرْ | |
نبأ تعثـّر في الدروب فلم يجدْ مأوًى صداهُ | |
فأوَى إلى النسيانِ في بعضِ الحُفَرْ | |
يرثي كآبَته القَمَرْ. | |
** | |
والليلُ أسلم نفسَهُ دون اهتمامٍ, للصَباحْ | |
وأتى الضياءُ بصوتِ بائعةِ الحليبِ وبالصيامْ, | |
بمُوَاءِ قطٍّ جائعٍ لم تَبْقَ منه سوى عظامْ, | |
بمُشاجراتِ البائعين, وبالمرارةِ والكفاحْ, | |
بتراشُقِ الصبيان بالأحجار في عُرْضِ الطريقْ, | |
بمساربِ الماء الملوّثِ في الأزقّةِ, بالرياحْ, | |
تلهو بأبوابِ السطوح بلا رفيقْ | |
في شبهِ نسيانٍ عميقْ |
أبوالفحفاح11- المدير العام المساعد
- عدد المساهمات : 990
نقاط : 3767
تاريخ التسجيل : 26/04/2009
رد: نبذة و أشعارحول الشاعرة: نازك الملائكة
صلاة الأشباح
تململت الساعةُ الباردهْ | |
على البرج, في الظلمة الخامدهْ | |
ومدّتْ يدا من نُحاسْ | |
يدًا كالأساطير بوذا يحرّكُها في احتراسْ | |
يدَ الرَّجل المنتصبْ | |
على ساعة البرج, في صمته السرمديّ | |
يحدّقُ في وجْمة المكتئبْ | |
وتقذفُ عيناهُ سيلَ الظلامِ الدَّجِيّ | |
على القلعة الراقدهْ | |
على الميّتين الذينَ عيونُهُمُ لا تموت | |
تظَلّ تحدَّقُ, ينطقُ فيها السكوتْ | |
وقالتْ يد الرَّجُلِ المنتصِب: | |
"صلاةٌ, صلاهْ!" | |
** | |
ودبّتْ حياهْ | |
هناكَ على البُرْج, في الحَرَس المُتْعَبينْ | |
فساروا يجرّونَ فوق الثَّرَى في أناهْ | |
ظلالَهُمُ الحانيات التي عَقَفَتْها السنينْ | |
ظلالَهُمُ في الظلام العميقِ الحزينْ | |
وعادتْ يدُ الرجل المنتصِبْ | |
تُشير: "صلاةٌ, صلاهْ!" | |
فيمتزجُ الصوتُ بالضجّة الداويهْ, | |
صدى موكبِ الحَرَسِ المقتربْ | |
يدُقّ على كلّ بابٍ ويصرخُ بالنائمينْ | |
فيبرُزُ من كلّ بابٍ شَبَحْ | |
هزيلٌ شَحِبْ, | |
يَجُرّ رَمَادَ السنينْ, | |
يكاد الدُّجى ينتحبْ | |
على وَجْهِهِ الجُمْجُمِيّ الحزينْ | |
** | |
وسار هنالكَ موكبُهُمْ في سُكونْ | |
يدبّونَ في الطُّرقاتِ الغريبةِ, لا يُدْركونْ | |
لماذا يسيرونَ? ماذا عسى أن يكونْ? | |
تلوَّتْ حوالَيْهمُ ظُلُماتُ الدروبْ | |
أفاعيَ زاحفةً ونُيُوبْ | |
وساروا يجرّون أسرارَهُمْ في شُحُوب | |
وتهمسُ أصواتهم بنشيدٍ رهيبْ, | |
نشيدِ الذينَ عيونُهُمُ لا تموتْ, | |
نشيد لذاك الإلهِ العجيبْ | |
وأغنيةٌ ليد الرَّجُلِ المنتصبْ | |
على البرج كالعنكبوتْ | |
يدٌ من نحاسْ | |
يحرّكها في احتراسْ | |
فترسل صيحَتها في الدياجي | |
"صلاةٌ, صلاهْ" | |
** | |
وفي آخر الموكب الشَّبَحيّ المُخيفْ | |
رأى حارس شَبَحَيْن | |
يسيرانِ لا يُدْركان متى كان ذاك وأيْن? | |
تحُزّ الرّياح ذراعيهما في الظلام الكثيفْ | |
وما زال في الشَّبَحينِ بقايا حياهْ | |
ولكنّ عينيهما في انطفاءْ | |
ولفظُ "صلاة صلاهْ" | |
يضِجّ بسَمْعَيْهما في ظلام المساءْ | |
** | |
"ألستَ ترى" | |
"خُذْهما!" | |
ثم ساد السكون العميق | |
ولم يَبْقَ من شَبَح في الطريق | |
** | |
وفي المعْبَد البرْهميّ الكبير | |
وحيثُ الغموضُ المُثيرْ | |
وحيثُ غرابةُ بوذا تلُفّ المكانْ | |
يُصلّي الذينَ عيونُهُم لا تموتْ | |
ويَرْقُبُهم ذلكَ العنكبوتْ | |
على البرج مستغْرَقًا في سكوتْ, | |
فيرتفعُ الصوت ضخْمًا, عميق الصدى, كالزمان | |
ويرتجفُ الشَّبَحانْ | |
** | |
"من القلعةِ الرطبةِ الباردهْ" | |
"ومن ظُلُمات البيوت" | |
"من الشُرَف الماردهْ" | |
"من البرجِ, حيثُ يدُ العنبكوتْ" | |
"تُشيرُ لنا في سكوتْ" | |
"من الطرقات التي َتعْلِك الظُلْمَةَ الصامتهْ" | |
"أتيناكَ نسحَب أسرارَنا الباهتهْ" | |
"أتيناكَ, نحن عبيدَ الزمانْ" | |
"وأسرَاه نحن الذينَ عيونُهُم لا تموتْ" | |
"أتينا نَجُرّ الهوانْ" | |
"ونسألُكَ الصفْحَ عن هذه الأعين المُذْنبهْ" | |
"ترسّبَ في عُمْق أعماقها كلُّ حزْنِ السنينْ" | |
"وصوتُ ضمائرِنا المُتعَبَهْ" | |
"أجشٌّ رهيبُ الرّنينْ" | |
"أتيناكَ يا من يذُرّ السُّهادْ" | |
"على أعينِ المُذْنبينْ" | |
"على أعينِ الهاربينْ" | |
"إلى أمسِهِم ليلوذوا هناك بتلّ رمَادْ" | |
"من الغَدِ ذي الأعين الخُضرِ. يا من نراهْ" | |
"صباحَ مساءَ يسوقُ الزمانْ" | |
"يحدّق, عيناه لا تغفوان" | |
"وكفَّاه مَطْويّتانْ" | |
"على ألفِ سرٍّ. أتينا نُمرِّغ هذي الجباهْ" | |
"على أرض معبدِهِ في خُشُوعْ" | |
"نُناديهِ, دونَ دموعْ," | |
"ونصرخ: آهْ!" | |
"تعِبْنا فدعْنا ننامْ" | |
"فلا نسْمع الصوتَ يَهْتف فينا: "صلاهْ!" | |
"إذا دقَّتِ الساعة الثانيهْ," | |
"ولا يطرق الحَرَس الكالحونْ" | |
"على كل باب بأيديهم الباليه" | |
"وقد أكلتْها القُرونْ" | |
"ولم تُبْق منها سوى كومة من عظامْ" | |
"تعبنا... فدعنا ننامْ.." | |
"ننامُ, وننسى يد الرجل العنكبوتْ" | |
"على ساحة البرج. تنثُرُ فوق البيوتْ" | |
"تعاويذَ لعنتها الحاقدهْ" | |
"حنانك بوذا, على الأعينِ الساهدهْ" | |
"ودعها أخيرًا تموتْ" | |
** | |
وفي المعبد البرهمي الكبيرْ | |
تحرّكَ بوذا المثيرْ | |
ومدّ ذراعيه للشبحَيْنْ | |
يُبارك رأسيْهما المُتْعَبيْنْ | |
ويصرخُ بالحَرَس الأشقياءْ | |
وبالرَّجُلِ المنتصبْ | |
على البرْج في كبرياءْ, | |
"أعيدوهما!" | |
ثم لفَّ السكونُ المكانْ | |
ولم يبقَ إلا المساءْ, | |
وبوذا, ووجه الزمانْ |
أبوالفحفاح11- المدير العام المساعد
- عدد المساهمات : 990
نقاط : 3767
تاريخ التسجيل : 26/04/2009
رد: نبذة و أشعارحول الشاعرة: نازك الملائكة
دكان القرائين الصغيرة
في ضباب الحُلْم طوّفتُ مع السارين في سوق عتيقِ | |
غارق في عطر ماء الورد, وامتدّ طريقي | |
وسّع الحُلْم عيوني, رش سُكْرًا في عروقي | |
ثملت روحي بأشذاء التوابلْ | |
وصناديق العقيقِ | |
وبألوان السجاجيد, | |
بعطر الهيل والحنّاء, | |
بالآنية الغَرْقى الغلائلْ | |
سرقت روحي المرايا, واستداراتْ المكاحلْ | |
كنتُ نَشْوى, في ازرقاق الحُلْم أمشي وأسائلْ | |
أين دكّان القرائين الصغيرهْ | |
أشتري من عنده في الحلم قرآنًا جميلاً لحبيبي | |
يقتنيه لحن حبٍّ, | |
قَمرًا في ليلةٍ ظلماء, | |
خبزًا وخميرهْ | |
عندما في الغد يَرْحَلْ | |
من مطار الأمس والذكرى حبيبي | |
يتوارى وجهه خلف التواءات الدروبِ | |
** | |
سرتُ في السوق, | |
إذا مرّ بقربي عابرٌ ما, | |
أتمهّل | |
ثم أسألْ: | |
سيّدي في أي دكّان ترى ألقى القرائين الصغيرهْ | |
أيّ قرآن, سواءٌ أحواشيه حروف ذهبيّهْ | |
أم نقوش فارسيّهْ | |
أي قرآن?..... وفي حلمي يقول العابرُ | |
لحظة يا أختُ, قرآنكِ في آخر هذا المنحنى, في (مندلي) | |
اسألي عن (مندلي) | |
فهو دكان القرائين الصغيرهْ | |
ويغيب العابرُ... | |
وجهه في الحُلْم لونٌ فاترُ... | |
ثم أمضى في الكرى باحثةً عن (مندلي) | |
حيث أبتاعُ بما أملك قرآنًا وأهديه حبيبي | |
حينما يرحلُ عني في غدٍ وجه حبيبي | |
وتغطيه المسافاتُ وأبعاد الدروبِ | |
حيث أبتاع من الدكان قرآنًا صغيرًا لحبيبي | |
ثم أهديه له عند الوداعْ | |
ليخبّي ضوءه في صدره بُرْعَم طيبِ | |
وليؤويه إليه حرز حبي | |
وعصافيري المشوقاتِ, | |
وتلويح ذراعي | |
واختلاجاتِ شراعي | |
** | |
سرتُ في حلميَ في السوق قريرهْ | |
أسرتْ روحي السجاجيدُ الوثيرهْ | |
وأواني عطرِ ماء الورد, والكعبةُ صورهْ | |
نعستْ ألوانها في حضن حانوتٍ, | |
وفي حلمي مضيتُ | |
في دمي شوقٌ لدكان القرائين الصغيرهْ | |
وحلمتُ | |
وحلمتُ | |
بقرائينَ كثيراتٍ, وأختارُ أنا منها, وأهدي لحبيبي | |
في صباح الغد قرآنًا, ويؤويه حبيبي | |
صدرَهُ تعويذةً تدرأ عنه الليلَ والسَّعْلاة في أسْفَارِهِ | |
تزرع اسم الله في رحلته, تسقيه من أسرارِه | |
** | |
كان كلّ الناس لي يبتسمون | |
وعلى لهفة أشواق سؤالي ينحنونْ | |
زرعوا حلمي ورودا | |
وسّعوا السوقَ زوايا وحدودا | |
كلهم كانوا يشيرون إلى بعض مكانٍ غامض إذ يعبرونْ | |
يهمسون: | |
يتبع |
أبوالفحفاح11- المدير العام المساعد
- عدد المساهمات : 990
نقاط : 3767
تاريخ التسجيل : 26/04/2009
رد: نبذة و أشعارحول الشاعرة: نازك الملائكة
تابع
اسألي عن (مندلي) | |
ابحثي عن (مندلي) | |
دكّة في آخر السوق وتُلْفين القرائين الصغيرهْ | |
أطعموا قلبيَ من نكهة كُتْبٍ عنبريّاتِ كثيرهْ | |
بينها ألقى عصافيري القرائين الصغيرهْ | |
حيث أختارُ وأهدي لحبيبي | |
واحدًا يحميه من ليل الدروبِ | |
ووشايات المغيبِ | |
واحدًا يحمله في الطائرهْ | |
باقةً من زنبق الله, وسُحْبًا ماطرهْ | |
** | |
سرتُ طول الليل في حلمي, ولكن أين ألقى (مندلي)? | |
شَعَّب السوق حناياه, | |
ترامَى, | |
وتَمدّدْ | |
صار عشرين, دوربًا وزوايا | |
وفروعًا وخبايا | |
وتعدّدْ | |
وتعدّدْ | |
حيرتي أبصرتها طالعة من قعر آلاف المرايا | |
قذفتني الامتداداتُ ومصتني الحنايا | |
وأنا أشرب كوبًا فارغًا, والسوق مُجْهَدْ | |
تحت خطوي, ودمي يلهث شوقًا | |
وأنا أعطش في أرض الرؤى, أذرعها غربًا وشرقًا | |
لستُ أُسْقى, لست أُسْقَى | |
ضاع مني (مندلي) | |
ضاعَ, لا القرآنُ, لا الأشذاء لي | |
ما الذي بعد عطوري, وقرائيني تَبَقَّى | |
** | |
مرَّ بي في سوق حلمي ألفُ عابرْ | |
كلهم قالوا: - وراء المنحنى التاسع يحيا (مندلي) | |
حيث قرآني وعطري المتناثر | |
حيث أَلْقَى (مندلي) | |
(مندلي) يا أنهرا من عَسَلِ | |
يا ندًى منتثرًا فوق بيادرْ | |
يا شظايا قمر مغتسلِ | |
في دموعي, | |
يا أزاهيرُ من الياقوت نامت في غدائرْ | |
يا هتافاتِ أذان الفجر من فوق منائر | |
(مندلي) يا (مندلي) | |
اسمه فوق الشفاهْ | |
فلّة غامضة اللون, | |
وشمعٌ, | |
وتراتيلُ صلاهْ | |
وزروع ومياهْ | |
وأنا مأخوذة الأشواق أدعوه ولكن لا أراهْ | |
وأنا من دون قرآن حبيبي | |
ومع الفجر سيرحَلْ | |
في انبلاج الغَسَق القاني حبيبي | |
وشفاهي صلواتٌ تترسَّل | |
وعناقيد دموع تتهدّلْ | |
انبثق يا عطش السوق انبثق يا (مندلي) | |
يا قرائين حبيبي | |
يا ارتعاش السنبلِ | |
في حقول الحلم من ليلى العصيبِ | |
** | |
أين مني (مندلي)? والبائع المصروع من عطر القرائينْ? | |
ذاهلاً مستغرقًا في حُلُمِ? | |
ضائعًا هيمان مأخوذًا بأفق مبهمِ | |
يتشاجى, وجدُهُ سُكْرٌ وتلوينْ | |
صاعدًا من ولهٍ في عالم من عنبر مضطرمِ | |
تائهًا من شوقه عَبْرَ بساتينْ | |
عطشات النخل, والقرآن في تمُّوزها أمطار تشرينْ | |
(مندلي) يا ظمأى يا جرح سكّينْ | |
في خدود وشرايينْ | |
** | |
وطريقي نحو دكان القرائين الصغيرهْ | |
فيه أوراد لها عطر عجيبُ | |
كل من ذاق شذاها تائهٌ, | |
منسرق الروح, | |
شريدٌ | |
لا يؤوبُ | |
مندلي يا حقل نسرينْ | |
ذقتُ أسرارَكَ واستبعدتُ كوبي | |
لم أعد أعرف فجري من غروبي | |
وتواجدْتُ وضيّعتُ دروبي | |
وتشوقت لقرآنٍ, على رفّكَ غافٍ, | |
أشتريه لحبيبي | |
** | |
وسمعتُ العابرينْ | |
يصفون المخزن المنشود: تسري فيه أصداءْ | |
وتلاوين, وموسيقى وأضواءْ | |
تصرع السامع صرعًا باختلاجاتِ حنينْ | |
وشموعٍ ودوالي ياسمينْ | |
آه لو أني وصلتُ | |
آه حتى لو تمزقْتُ, | |
تبعثرتُ, | |
اكتويتْ | |
لو تذوقتُ العطورَ السارباتِ | |
حول دكان القرائين الصغيرهْ | |
آه لو أمسكتُ في كفّي قرآنًا, | |
كدوريّ حنون القَسَماتِ | |
واحد من ألف قرآن حواليه ضبابٌ, | |
وشذى وردٍ, | |
وموسيقى مثيرهْ | |
ليس يقوَى قَطُّ إنسانٌ بأن يصغي إليها | |
يسقط الصاحي صريعًا, غير واعٍ, ضائعًا في شاطئيها | |
آه لو أني أطبقتُ عليه شفتَيّا | |
هو قرآنُ حبيبي | |
آه لو لامستُ رياهُ بأطراف يديّا | |
هو وِرْدى, وامتلائي, ونضوبي | |
والنشيد المحرق المخبوء في قعر دمي, في مقلتيّا | |
** | |
وانتهى السوقُ وفي حلمي يَئستُ | |
وعلى دكّة آمالي الطعينات جلستُ | |
وانتحبتُ | |
لم يَعُدْ في السوق من ركن قصيِّ | |
لم أقلّبْهُ... وتاهتْ (مندلي)... | |
غرقَتْ في عمق بحر من ضبابٍ سندسيِّ | |
واختفت في ظل غابات سكونٍ أبديِّ | |
لم يدع يأسيَ حتى سحبة القوس على الأوتار لي | |
ضاع حتى الظلّ مني, وتبقّتْ لي روًى من طَللِ | |
أين أبوابكِ يا ترتيلتي, | |
يا (مندلي) | |
يا عطور الهَيْل والقرآنِ يا وجه نبيِّ | |
يا شراعًا أبيضًا تحت مساء عنبيِّ | |
** | |
وإذن ماذا سأهدي لحبيبي | |
في غد حينَ يسافر? | |
فرغتْ كفّي من القرآنِ غاضتْ في صَحَارايَ المعاصِر | |
وخوى خدّايَ إلاّ من غلالات شحوبي | |
وحبيبي سيغادرْ | |
دون قرآنٍ, هديّه... | |
غضة تلمس خدّيهِ كما يلمس عصفورٌ مُهَاجرْ | |
جبهة الأفق برشّات غناءٍ عسليّهْ | |
وحبيبي سيسافر | |
خاوى الكف من القرآن, من عطر البيادرْ | |
وحكايات المنائر | |
وأنا أبقى شجيه | |
كظهيرات من الحزن عرايا غيهبيّهْ | |
ضاع قرآني, وضاعت (مندلي) | |
واختفى وجهُ حبيبي | |
خلف غيم مُسْدَلِ | |
وامتدادات سهوبٍ وسهوبِ | |
فوداعًا يا قرائيني, وداعًا (مندلي) | |
وإلى أن نتلاقى يا حبيبي | |
وإلى أن نتلاقى يا حبيبي |
أبوالفحفاح11- المدير العام المساعد
- عدد المساهمات : 990
نقاط : 3767
تاريخ التسجيل : 26/04/2009
رد: نبذة و أشعارحول الشاعرة: نازك الملائكة
غرباء
أطفئ الشمعةَ واتركنا غريبَيْنِ هنا | |
نحنُ جُزءانِ من الليلِ فما معنى السنا? | |
يسقطُ الضوءُ على وهمينِ في جَفنِ المساءْ | |
يسقطُ الضوءُ على بعضِ شظايا من رجاءْ | |
سُمّيتْ نحنُ وأدعوها أنا: | |
مللاً. نحن هنا مثلُ الضياءْ | |
غُربَاءْ | |
اللقاء الباهتُ الباردُ كاليومِ المطيرِ | |
كان قتلاً لأناشيدي وقبرًا لشعوري | |
دقّتِ الساعةُ في الظلمةِ تسعًا ثم عشرا | |
وأنا من ألمي أُصغي وأُحصي. كنت حَيرى | |
أسألُ الساعةَ ما جَدْوى حبوري | |
إن نكن نقضي الأماسي, أنتَ أَدْرى, | |
غرباءْ | |
مرّتِ الساعاتُ كالماضي يُغشّيها الذُّبولُ | |
كالغدِ المجهولِ لا أدري أفجرٌ أم أصيلُ | |
مرّتِ الساعاتُ والصمتُ كأجواءِ الشتاءِ | |
خلتُهُ يخنق أنفاسي ويطغى في دمائي | |
خلتهُ يَنبِسُ في نفسي يقولُ | |
أنتما تحت أعاصيرِ المساءِ | |
غرباءْ | |
أطفئ الشمعةَ فالرُّوحانِ في ليلٍ كثيفِ | |
يسقطُ النورُ على وجهينِ في لون الخريف | |
أو لا تُبْصرُ? عينانا ذبولٌ وبرودٌ | |
أوَلا تسمعُ? قلبانا انطفاءٌ وخمودُ | |
صمتنا أصداءُ إنذارٍ مخيفِ | |
ساخرٌ من أننا سوفَ نعودُ | |
غرباءْ | |
نحن من جاء بنا اليومَ? ومن أين بدأنا? | |
لم يكنْ يَعرفُنا الأمسُ رفيقين.. فدَعنا | |
نطفرُ الذكرى كأن لم تكُ يومًا من صِبانا | |
بعضُ حبٍّ نزقٍ طافَ بنا ثم سلانا | |
آهِ لو نحنُ رَجَعنا حيثُ كنا | |
قبلَ أن نَفنَى وما زلنا كلانا | |
غُرباءْ |
أبوالفحفاح11- المدير العام المساعد
- عدد المساهمات : 990
نقاط : 3767
تاريخ التسجيل : 26/04/2009
رد: نبذة و أشعارحول الشاعرة: نازك الملائكة
أنا
الليلُ يسألُ من أنا | |
أنا سرُّهُ القلقُ العميقُ الأسودُ | |
أنا صمتُهُ المتمرِّدُ | |
قنّعتُ كنهي بالسكونْ | |
ولففتُ قلبي بالظنونْ | |
وبقيتُ ساهمةً هنا | |
أرنو وتسألني القرونْ | |
أنا من أكون? | |
والريحُ تسأل من أنا | |
أنا روحُها الحيران أنكرني الزمانْ | |
أنا مثلها في لا مكان | |
نبقى نسيرُ ولا انتهاءْ | |
نبقى نمرُّ ولا بقاءْ | |
فإذا بلغنا المُنْحَنى | |
خلناهُ خاتمةَ الشقاءْ | |
فإِذا فضاءْ! | |
والدهرُ يسألُ من أنا | |
أنا مثلهُ جبّارةٌ أطوي عُصورْ | |
وأعودُ أمنحُها النشورْ | |
أنا أخلقُ الماضي البعيدْ | |
من فتنةِ الأمل الرغيدْ | |
وأعودُ أدفنُهُ أنا | |
لأصوغَ لي أمسًا جديدْ | |
غَدُهُ جليد | |
والذاتُ تسألُ من أنا | |
أنا مثلها حيرَى أحدّقُ في ظلام | |
لا شيءَ يمنحُني السلامْ | |
أبقى أسائلُ والجوابْ | |
سيظَل يحجُبُه سراب | |
وأظلّ أحسبُهُ دنا | |
فإذا وصلتُ إليه ذابْ | |
وخبا وغابْ |
أبوالفحفاح11- المدير العام المساعد
- عدد المساهمات : 990
نقاط : 3767
تاريخ التسجيل : 26/04/2009
رد: نبذة و أشعارحول الشاعرة: نازك الملائكة
قصيده رائعه ..
لاعدمنــــــــــــــــــــــــــــــاك ...
وتقبل تحياتي / اميرة الفولاذ..
لاعدمنــــــــــــــــــــــــــــــاك ...
وتقبل تحياتي / اميرة الفولاذ..
mantboha- مراقب عام
- عدد المساهمات : 682
نقاط : 3052
تاريخ التسجيل : 15/07/2009
العمر : 35
الموقع : بلا موقع مزلت انكوس ..
رد: نبذة و أشعارحول الشاعرة: نازك الملائكة
مشكووووووووووووووووووور واصل تالقك
ام جهاد- مراقب
- عدد المساهمات : 987
نقاط : 3931
تاريخ التسجيل : 21/06/2009
العمر : 51
الموقع : بلاد الله
رد: نبذة و أشعارحول الشاعرة: نازك الملائكة
جامعة الظلال
أخيرًا لمستُ الحياهْ | |
وأدركتُ ما هي أيُّ فراغٍ ثَقيلْ | |
أخيرًا تبيّنتُ سرَّ الفقاقيعِ واخيبتاهْ | |
وأدركتُ أني أضعتُ زمانًا طويلْ | |
ألُمُّ الظلالَ وأخبِطُ في عَتْمة المستحيلْ | |
ألمُّ الظلالَ ولا شيءَ غير الظِلالْ | |
ومرَّتْ عليَّ الليالْ | |
وها أنا أُدْركُ أني لمستُ الحياهْ | |
وإن كنت أصرُخُ واخيبتاهْ! | |
ومرَّ عليَّ زمانٌ بطيءُ العُبورْ | |
دقائقُهُ تتمطّى مَلالاً كأنَّ العُصورْ | |
هنالكَ تغفو وتنسى مواكبُها أن تدورْ | |
زمانٌ شديدُ السواد, ولونُ النجومْ | |
يذكّرُني بعيونِ الذئابْ | |
وضوءٌ صغيرٌ يلوحُ وراءَ الغُيومْ | |
عرفتُ به في النهايةِ لونَ السَّرابْ | |
ووهمَ الحياهْ | |
فواخيبتاهْ | |
أهذا إذن هو ما لقّبوهُ الحياهْ? | |
خُطوطٌ نظَلُّ نخطِّطُها فوقَ وجهِ المياهْ? | |
وأصداءُ أغنيةٍ فظّةٍ لا تَمَسُّ الشِّفاهْ? | |
وهذا إذنْ هو سرُّ الوجودْ? | |
ليالٍ ممزّقةٌ لا تعودْ? | |
وآثارُ أقدامِنا في طريقِ الزمان الأصَمْ | |
تمرُّ عليها يدُ العاصفهْ | |
فتمسحُها دونما عاطفهْ | |
وتُسْلمُها للعَدَمْ | |
ونحنُ ضحايا هنا | |
تجوعُ وتعطشُ أرواحُنا الحائرهْ | |
ونحسَبُ أَن المنى | |
ستملأ يومًا مشاعرَنا العاصرهْ | |
ونجهلُ أَنَّا ندورْ | |
مع الوَهْم في حَلَقاتْ | |
نجزِّئُ أيامَنا الآفلاتْ | |
إلى ذكرياتْ | |
وننتظرُ الغَدَ خلفَ العُصورْ | |
ونجهلُ أَن القبور ْ | |
تمدُّ إلينا بأذرعِها الباردهْ | |
ونجهلُ أَنّ الستائرَ تُخفي يدًا ماردهْ | |
** | |
عرفتُ الحياةَ, وضِقتُ بجمع الظلالْ | |
وأضجرَني أن نجوبَ التلالْ | |
نحدّقُ في حَسرةٍ خلفَ رَكبِ الليالْ | |
تسيرُ بنا القافلهْ | |
نجوسُ الشوارعَ في وَحْدةٍ قاتلهْ | |
إلامَ يُخادعُنا المبهَمُ? | |
وكيفَ النهايةُ? لا أحدٌ يعلم | |
** | |
سنبقى نسيرْ | |
وأبقى أنا في ذُهولي الغريرْ | |
ألُمُّ الظلالَ كما كنتُ دونَ اهتمامْ | |
عيونٌ ولا لونَ, لا شيءَ إلاَّ الظلامْ | |
شفاهٌ تُريدُ ولا شيءَ يَقرَبُ مما تريدْ | |
وأيدٍ تُريدُ احتضانَ الفضاءِ المديدْ | |
وقلبٌ يريدُ النجومْ | |
فيصفعُهُ في الدياجيرِ صوتُ القَدُومْ | |
يُهيلُ الترابَ على آخر الميّتينْ | |
وأقصوصةٌ من يَرَاع السنينْ | |
تضجُّ بسمعي فأصرخ: آه! | |
أخيرًا عرفتُ الحياهْ | |
فواخيبتاهْ! |
أبوالفحفاح11- المدير العام المساعد
- عدد المساهمات : 990
نقاط : 3767
تاريخ التسجيل : 26/04/2009
رد: نبذة و أشعارحول الشاعرة: نازك الملائكة
هاذ رائع جدا
وكما عهدناك
مشكووووووووووووور
استاذي - ابو الفحفاح
مع تحياتي
وكما عهدناك
مشكووووووووووووور
استاذي - ابو الفحفاح
مع تحياتي
الفايز- مشرف
- عدد المساهمات : 523
نقاط : 1858
تاريخ التسجيل : 01/06/2009
رد: نبذة و أشعارحول الشاعرة: نازك الملائكة
الحقيقة ان نازك الملائكة شاعرة جميلة جدا ورائدة في مجال القصيدة الحديثة حتى وان اختلف الجميع على ذلك..قصائدها عذبة ومعانيها تعانق الاحاسيس بشتى انواعها ..فتدخل القلب ودون استئذان..ومجموعة القصائد التي اتحفتنا بها خير دليل على ذلك..
أحسنت ابو الفحفاح..وواصل..
اهديك هذه القصيدة وهي ايضا من تحف نازك الملائكة:
أحسنت ابو الفحفاح..وواصل..
اهديك هذه القصيدة وهي ايضا من تحف نازك الملائكة:
قصيدة الأفعـوان
أين أمشى ؟ مللت الدروب
و سئمت المروج
و العدو الخفى اللجوج
لم يزل يقتفى خطواتي فأين الهروب ؟
الممرات و الطرق الذاهبات؟
بالأغاني
إلى كل أفق غريب ودروب الحياة
والدهاليز فى ظلمات الدجى الحالكات
و زوايا النهار الجديب
جبتها كلها ، و عدوى الخفى العنيد
صامد كجبال الجليد
فى الشمال البعيد
صامد كصمود النجوم
فى عيون جفاها الرقاد
و رمتها أكف الهموم
بجراح السهاد
صامد كصمود الزمن
ساعة الانتظار
كلما أمعنت فى الفرار
خطواتى تخطى الفتن
و أتانى بما حطمته جهود النهار
من قيود التذكر .. لن أنشد الانفلات
من قيودى و أى انفلات
و عدوى المخيف
مقلتاه تمج الخريف
فوق روح تريد الربيع
و وراء الضباب الشفيف
ذلك الأفعوان الفظيع
ذلك الغول أى انعتاق
من ظلال يديه على جبهتى الباردة
أين أنجو و أهدابه الحاقده
فى طريقى تصب غدا ميتا لا يطاق ؟
أين أمشى ؟ و أى انحناء
يغلق الباب دون عدوى المريب
إنه يتحدى الرجاء
و يقهقه سخرية من وجومى الرهيب
إنه لا يحس البكاء
أين .. أين .. أغيب
هربى المستمر الرتيب
لم يعد يستجيب
لنداء ارتياعى وفيم صراخ النداء ؟
هل هناك ملاذا قريبأ بعيد ....
سأمضى و إن كان خلف السماء
أو وراء حدود الرجاء
ثم ذات مساء
أسمع الصوت :
" سيرى فهذا طريق عميق
يتخطى حدود المكان
لن تعى فيه صوتا لغمغمة الأفعوان
أنه ( لابرنث ) سحيق
ربما شيدته يد فى قديم الزمان
لأمير غريب الطباع
ثم مات الأمير ... و أبقى الطريق
لأكف الضياع "
أسمع الصوت ملء البقاع
فأسير لعلى أفيق
من ديا جير كابوسى الأبدى الصفيق
ربما سيضل عدوى الطريق
ما أحب المسير و ليس ورائى خطى مائته
تتمطى بأصدائها الباهته
فى محانى طريقى الطويل
إنه لن يجئ
لن يجئ و إن عبر المستحيل
أبدا لن يجئ
لن يراه فؤادى البرئ
من جديد يثير الرياح
لتسد على السبيل
فى هدوء الصباح
أبدا لن يجيء
لن يجيء .... !
و أسمع قهقهة حاقده
إنه جاء .. يا الضياع رجائي الكسير
فى دجى اللابرنث الضرير
و أحس اليد المارده
تضغط البرد و الرعب فوق هدوئى الغرير
بأصابعها الجامده
إنه جاء .. فيم المسير ؟
سأودع حلمى القصير
و أعود بجثته الباردة
و تمر تمر الحياة
و عدوى الخفى العنيد
خلف كل طريق جديد
فى ليالى الأسى الحالكات
خلف كل سحر
و أراه يطل على من المنتظر
مع أمسى البعيد
مع ضوء القمر
فى الفضاء المديد
أين أين المفر
من عدوى العنيد
و هو مثل القدر
سرمدى ، خفى ، أبيد
سرمدى ، أبيد
تحياتي
أين أمشى ؟ مللت الدروب
و سئمت المروج
و العدو الخفى اللجوج
لم يزل يقتفى خطواتي فأين الهروب ؟
الممرات و الطرق الذاهبات؟
بالأغاني
إلى كل أفق غريب ودروب الحياة
والدهاليز فى ظلمات الدجى الحالكات
و زوايا النهار الجديب
جبتها كلها ، و عدوى الخفى العنيد
صامد كجبال الجليد
فى الشمال البعيد
صامد كصمود النجوم
فى عيون جفاها الرقاد
و رمتها أكف الهموم
بجراح السهاد
صامد كصمود الزمن
ساعة الانتظار
كلما أمعنت فى الفرار
خطواتى تخطى الفتن
و أتانى بما حطمته جهود النهار
من قيود التذكر .. لن أنشد الانفلات
من قيودى و أى انفلات
و عدوى المخيف
مقلتاه تمج الخريف
فوق روح تريد الربيع
و وراء الضباب الشفيف
ذلك الأفعوان الفظيع
ذلك الغول أى انعتاق
من ظلال يديه على جبهتى الباردة
أين أنجو و أهدابه الحاقده
فى طريقى تصب غدا ميتا لا يطاق ؟
أين أمشى ؟ و أى انحناء
يغلق الباب دون عدوى المريب
إنه يتحدى الرجاء
و يقهقه سخرية من وجومى الرهيب
إنه لا يحس البكاء
أين .. أين .. أغيب
هربى المستمر الرتيب
لم يعد يستجيب
لنداء ارتياعى وفيم صراخ النداء ؟
هل هناك ملاذا قريبأ بعيد ....
سأمضى و إن كان خلف السماء
أو وراء حدود الرجاء
ثم ذات مساء
أسمع الصوت :
" سيرى فهذا طريق عميق
يتخطى حدود المكان
لن تعى فيه صوتا لغمغمة الأفعوان
أنه ( لابرنث ) سحيق
ربما شيدته يد فى قديم الزمان
لأمير غريب الطباع
ثم مات الأمير ... و أبقى الطريق
لأكف الضياع "
أسمع الصوت ملء البقاع
فأسير لعلى أفيق
من ديا جير كابوسى الأبدى الصفيق
ربما سيضل عدوى الطريق
ما أحب المسير و ليس ورائى خطى مائته
تتمطى بأصدائها الباهته
فى محانى طريقى الطويل
إنه لن يجئ
لن يجئ و إن عبر المستحيل
أبدا لن يجئ
لن يراه فؤادى البرئ
من جديد يثير الرياح
لتسد على السبيل
فى هدوء الصباح
أبدا لن يجيء
لن يجيء .... !
و أسمع قهقهة حاقده
إنه جاء .. يا الضياع رجائي الكسير
فى دجى اللابرنث الضرير
و أحس اليد المارده
تضغط البرد و الرعب فوق هدوئى الغرير
بأصابعها الجامده
إنه جاء .. فيم المسير ؟
سأودع حلمى القصير
و أعود بجثته الباردة
و تمر تمر الحياة
و عدوى الخفى العنيد
خلف كل طريق جديد
فى ليالى الأسى الحالكات
خلف كل سحر
و أراه يطل على من المنتظر
مع أمسى البعيد
مع ضوء القمر
فى الفضاء المديد
أين أين المفر
من عدوى العنيد
و هو مثل القدر
سرمدى ، خفى ، أبيد
سرمدى ، أبيد
تحياتي
vaizamariem- عضو فعال
- عدد المساهمات : 418
نقاط : 1555
تاريخ التسجيل : 17/08/2009
مواضيع مماثلة
» نبذة و أشعارحول الشاعر: بدر شاكر السياب
» أبو العتاهية نبذة و أشعار
» نبذة و اشعارحول الشاعر: أبو القاسم الشابي
» المناضل و الشاعر الكبير أحمد ولد عبد القادر نبذة موجزة
» أبو العتاهية نبذة و أشعار
» نبذة و اشعارحول الشاعر: أبو القاسم الشابي
» المناضل و الشاعر الكبير أحمد ولد عبد القادر نبذة موجزة
مـنـتــديــــات مـدائـــن الريــح :: مدائــــــــــــــــــــــــــــن الأدب :: منتدى الشعر و الشعراء
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الإثنين يوليو 08, 2024 4:31 am من طرف دورات
» المراجعة المالية والإدارية لضمان سلامة الأداء المالي والإداري||دورت تدريبية
الإثنين يوليو 08, 2024 3:55 am من طرف دورات
» دورة الأساليب الحديثة لتنشيط العملية التسويقيه وزيادة المبيعات دورات التسويق
الجمعة مارس 15, 2024 5:34 am من طرف دورات
» دورات تدريبية|دورة التخطيط الاستراتيجي للتسويق
الخميس مارس 14, 2024 4:33 am من طرف دورات
» دورة السيطرة على التلوث البحري بالبترول|| metc
الثلاثاء مارس 12, 2024 5:41 am من طرف دورات
» دوره تنفيذ وإداره حلول سيسكو-CCNA/القاهره 2024
الأربعاء مارس 06, 2024 1:28 pm من طرف المتخصص للتدريب
» دوره تنمية المهارات الإدارية والاشرافية لرؤساء الاقسام/الخبر-القاهره 2024
الثلاثاء فبراير 20, 2024 6:11 pm من طرف المتخصص للتدريب
» دورات المشتريات والمخازن واللوجستيك 2024
السبت فبراير 17, 2024 5:02 am من طرف دورات
» دورات التدقيق|دورة تقنيات المراجعة والتدقيق الداخلي لضمان سلامة الاداء المالي
الخميس فبراير 15, 2024 3:52 am من طرف دورات