حق حبس المال

لقد عالج المشرع المغربي حق حبس المال في الفرع الثاني من الباب الرابع المعنون تحت عنوان بعض الوسائل لضمان تنفيذ الإلتزامات حيث خصص له المواد من 291 إلى 305 من قانون الإلتزامات والعقود .(1)

وبالعودة إلى المصادر التاريخية لظهير الإلتزامات والعقود نجدها تبعت نفس النهج ، إلا أنها تفوقت على ظهير الإلتزامات والعقود في جعل وسائل ضمان تنفيذ الإلتزامات أكثر مما هو عليه الحال في قانون الإلتزامات والعقود ، وهكذا إذا رجعنا إلى مشروع مدونة سانتيانا نجده وضع لضمان الوفاء بالإلتزامات أربعة وسائل وهي الشرط الجزائي والعربون والدعوى غير مباشرة وحق حبس المال ، أما فيما يخص مشرع المجلة التونسية ونقصد به اللجنة الموسعة التي كلفت بتوجيه النظر الشرعي على مشروع قانون الإلتزامات والعقود والتي كانت تتكون من فقهاء الشريعة الإسلامية من المالكية والحنفية ، فهاته اللجنة لم تتبنى تنظيم الشرط الجزائي ، حيث اقتصرت على الوسائل الثلاثة الأخرى المذكورة في مشروع مدونة سانتيانا ، وهو نفس الموقف الذي سلكه مشرع ظهير الإلتزامات والعقود ، بعد أن أسقط وسيلة






(1)-ومن القوانين التي نظمت الحق في الحبس تنظيما وافيا نجد القانون المدني التونسي أو ما يسمى بالمجلة التونسية التي خصصت له المواد 309 إلى 320 .

بخلاف بعض التشريعات العربية التي لم تخصص له حيزا كبيرا كما هو الحال قانون الموجبات والعقود اللبناني الذي خصص له مادتين فقط من 271 إلى 272.

أخرى ألا وهي تنظيم الدعوى الغير مباشرة ، وبذلك يكون مشرع قانون الإلتزامات والعقود قد اقتصر على وسيلتين من وسائل ضمان تنفيذ الإلتزامات وهما العربون وحق حبس المال ، وهذا الأخير هو موضوعنا لهذا المحور ، حيث سنعمل على التعرف على أحكامه منتهجين في ذلك أسلوب المقارنة العمودية الأفقية ، وخصوصا مع التشريع التونسي الذي يعتبر أحد المصادر المادية المباشرة لقانون الإلتزامات والعقود ، فضلا عن القانون الفرنسي والمصري ، دون أن ننسى الفقه الإسلامي باعتباره أحد الأنظمة القانونية المستقلة بذاتها ، وعليه سنحاول الإحاطة بهذا الموضوع عن طريق إعتماد التقسيم الثنائي الكلاسيكي من خلال مبحثين ، نخصص الأول للتطور التاريخي والتعريف والشروط ، وفي المبحث الثاني الآثار والإنقضاء.